تواصل السلطات المصرية تصعيد حملتها ضد النشطاء السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، في إطار سياسات تهدف إلى تضييق الخناق على الحريات العامة، وسط انتقادات مستمرة لتدهور الأوضاع الحقوقية في البلاد.
وتتعدد أنماط الانتهاكات التي تمارسها الأجهزة الأمنية بين الاعتقال التعسفي، والتدوير على قضايا جديدة، والإخفاء القسري، وصولاً إلى الحرمان من العلاج الطبي، وهو ما يعكس واقعاً مأساوياً لحقوق الإنسان.
معاناة شريف الروبي وحرمانه من العلاج
وفي هذا السياق؛ قررت محكمة جنايات القاهرة تجديد حبس الناشط السياسي شريف الروبي، القيادي في حركة 6 إبريل، لمدة 45 يوماً على ذمة القضية رقم 1634 لسنة 2022 حصر أمن دولة عليا.
وجاء هذا القرار وسط تدهور حالته الصحية بسبب ورم في الوجه وصعوبة شديدة في الكلام نتيجة مشاكل في العصب السابع، فضلاً عن تعنت السلطات في تقديم العلاج اللازم له، رغم الشكاوى المتكررة المقدمة من هيئة الدفاع.
وتعد هذه القضية الثانية التي يواجهها الروبي منذ اعتقاله في سبتمبر 2022، بعد أشهر فقط من إطلاق سراحه بقرار من النيابة العامة في يونيو من العام ذاته ضمن عفو رئاسي.
ويواجه الروبي اتهامات تتعلق بالانضمام إلى جماعة محظورة ونشر أخبار كاذبة، دون تقديم أدلة كافية أو تحقيقات جادة.
تدوير مستمر وتهم متكررة.. القصاص وجيكا
وفي سياق مشابه؛ جددت محكمة جنايات القاهرة، في اليوم نفسه، حبس محمد القصاص، نائب رئيس حزب مصر القوية، لمدة 45 يوماً على ذمة القضية رقم 786 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا.
وهذه هي القضية الثالثة التي يُتهم فيها القصاص منذ اعتقاله عام 2018، في نمط متكرر يعرف باسم “التدوير”، حيث يُعاد احتجاز النشطاء على ذمة قضايا جديدة فور انتهاء المدة القانونية لحبسهم.
ويواجه أحمد حمدي السيد سليمان، المعروف بـ”جيكا” الوضع ذاته، فقد قررت المحكمة تجديد حبسه على ذمة القضية رقم 165 لسنة 2024، وهي الثالثة له أيضاً.
وكان جيكا قد ظهر بنيابة أمن الدولة في فبراير 2024 بعد فترة من الإخفاء القسري، ليُتهم بالانضمام إلى جماعة إرهابية وتمويلها، دون إجراء تحقيقات جديدة تدعم الاتهامات.
إخفاء قسري واعتقال تعسفي.. قضية ريفالدو
ومن بين القضايا التي أثارت قلقاً واسعاً، اعتقال التيكتوكر الشاب محمد أحمد علام، المعروف باسم “ريفالدو“، في 11 يناير 2025.
وبعد اعتقاله؛ تعرض “ريفالدو” للإخفاء القسري حتى ظهوره أمام نيابة أمن الدولة العليا في 15 يناير، حيث وُجهت له اتهامات تشمل الانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، وهي تهمتان درج النظام على توجيهها لمعارضيه، ليتسنى له التنكيل بهم.
وتعرض “ريفالدو” أيضاً لانتهاكات مستمرة منذ اعتقاله الأول في نوفمبر 2022، بعد مداهمة قوات الأمن لمنزل عائلته في محاولة لاعتقال شقيقه الناشط يوسف علام. وعلى الرغم من إطلاق سراحه في مايو 2023، أعيد اعتقاله لاحقاً نتيجة نشاطه المعارض.
وتثير هذه الحالة مخاوف حول مصير الشاب البالغ من العمر 24 عاماً، وسط تقارير عن تعرضه لانتهاكات جسدية ونفسية.
وتأتي هذه القضايا ضمن سلسلة طويلة من الانتهاكات التي تستهدف النشطاء السياسيين والصحافيين في مصر، تعتمد فيها السلطات على قوانين مكافحة الإرهاب وقانون الطوارئ لتبرير الاعتقالات التعسفية، وغالباً ما يتم تدوير النشطاء على ذمة قضايا جديدة لإبقائهم رهن الاحتجاز لفترات طويلة دون محاكمات عادلة، يتعرض خلالها المعتقلون للإهمال الطبي المتعمد والحرمان من العلاج.
وتعكس هذه الحالات، التي تتفاوت بين الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعنت في تقديم الرعاية الطبية، تفاقم الوضع الحقوقي في مصر. ورغم المطالبات المتكررة بتحسين الأوضاع؛ يستمر تصعيد الانتهاكات في سياق أوسع من قمع الحريات العامة ومحاصرة الأصوات المعارضة، دون رادع قانوني، ما يعزز حالة القلق بشأن مستقبل حقوق الإنسان في البلاد.