في كارثة إنسانية تعكس حجم الإبادة الجماعية التي تعرض لها قطاع غزة، كشفت تقارير حقوقية وإنسانية عن استمرار معاناة العائلات الفلسطينية في البحث عن جثث ذويها المدفونة تحت أنقاض المباني المدمرة. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 10 آلاف جثة ما زالت تحت الركام، في حين بلغت كمية الأنقاض الناتجة عن القصف الإسرائيلي أكثر من 50 مليون طن.
وبحسب تقرير أصدرته الأمم المتحدة هذا الشهر، فإن إزالة هذه الكمية الهائلة من الأنقاض قد تستغرق ما يصل إلى 21 عامًا بتكلفة تُقدّر بنحو 1.2 مليار دولار. وتُظهر هذه الأرقام المروّعة حجم الدمار الذي خلّفه القصف الإسرائيلي على مدى 15 شهراً من الحرب التي استهدفت بشكل متعمد مناطق مكتظة بالسكان.
وفي أعقاب وقف إطلاق النار بدأت الحقائق المروعة تتكشف حيث أكد جهاز الدفاع المدني في غزة أن الظروف الحالية تجعل من عمليات انتشال الجثامين مهمة شبه مستحيلة. وأوضح الجهاز أن حجم الدمار ونقص المعدات يعوقان جهود الوصول إلى الضحايا، مشيرًا إلى أن بعض الشهداء قد تبخرت أجسادهم بالكامل بسبب شدة القصف.
وتواجه غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة، نتيجة استهداف الهجمات الإسرائيلية بشكل متعمد مناطق سكنية مكتظة بالأسلحة الأشد فتكًا، بما في ذلك المدارس والمستشفيات والملاجئ، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، بينهم نسبة كبيرة من النساء والأطفال.
التدمير الواسع للبنية التحتية لا يقتصر أثره على الحاضر فقط، بل يمتد ليهدد مستقبل سكان القطاع، الذين يعانون بالفعل من أزمة إنسانية خانقة تشمل نقص المياه والغذاء والمأوى. كما أن تباطؤ جهود إزالة الأنقاض سيؤدي إلى تعميق معاناة الناجين وزيادة خطر انتشار الأمراض الناتجة عن بقاء الجثث تحت الركام لفترات طويلة.
إن حجم الكارثة التي تعيشها غزة يستدعي تحركًا عاجلًا من المجتمع الدولي لتوفير المعدات اللازمة لإزالة الأنقاض وإعادة الإعمار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون قيود. كما أن هذه المأساة تستوجب فتح تحقيقات جادة لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب والإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني الذي يواجه أبشع صور المعاناة.