رغم انتهاء محكوميته منذ يوليو 2022، لا تزال السلطات الإماراتية تحتجز المحامي والحقوقي البارز الدكتور محمد الركن ضمن ما يعرف بقضية الإمارات 84، في استمرار لسياسة الاعتقال التعسفي بحق النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، وسط إدانات دولية ومطالبات متواصلة بالإفراج الفوري عنه.
والدكتور محمد الركن أحد أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في الإمارات، وأستاذ للقانون الدستوري، وعضو في رابطة المحامين الدولية، والرئيس السابق لجمعية الحقوقيين الإماراتية.
واعتقلت السلطات الإماراتية الركن في 17 يوليو 2012، بينما كان في طريقه للإبلاغ عن اختفاء ابنه، ليتم احتجازه في مكان غير معلوم لمدة ثمانية أشهر، تعرض خلالها للتعذيب والمعاملة المهينة، بما في ذلك الحبس الانفرادي والحرمان من التواصل مع عائلته أو لقاء محاميه.
وفي يوليو 2013، أصدرت محكمة إماراتية حكمًا جائرًا بسجنه 10 سنوات مع ثلاث سنوات من المراقبة الإدارية، وذلك ضمن محاكمة جماعية وصفتها المنظمات الحقوقية بأنها تفتقر إلى أدنى معايير العدالة.
ورغم انتهاء مدة محكوميته في 2022، رفضت السلطات الإفراج عنه، بل قامت في ديسمبر 2023 بإعادة محاكمته ضمن قضية جديدة تحمل مزاعم تتعلق بدعم “تنظيم إرهابي”، ليصدر بحقه حكم بالسجن المؤبد في محاكمة وُصفت بأنها “مهزلة قضائية”.
ويقبع الدكتور الركن في سجن الرزين، أحد أسوأ السجون الإماراتية، حيث تعرض لانتهاكات جسدية ونفسية متكررة، بما في ذلك التعذيب، والحبس الانفرادي المتكرر، والحرمان من الرعاية الصحية، والتضييق المستمر. وقد أصيب بأمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والتهابات الأذن الحادة نتيجة التعذيب بالصوت العالي، دون أن يحصل على العلاج اللازم.
يعكس استمرار احتجاز الدكتور الركن نهج السلطات الإماراتية في إسكات الأصوات المطالبة بالإصلاح السياسي والحقوقي، في ظل بيئة قمعية تُجرِّم حرية الرأي والتعبير، وتستخدم القضاء لترهيب النشطاء والمعارضين. كما يضع الإمارات في موقف محرج أمام المجتمع الدولي، خاصة مع استمرارها في ترويج صورة الدولة المنفتحة على الحريات، في حين أن الواقع يعكس تصعيدًا ممنهجًا ضد المدافعين عن حقوق الإنسان.
إن استمرار اعتقال الدكتور محمد الركن رغم انتهاء محكوميته، وإعادة محاكمته بتهم ملفقة، يكشف عن سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها السلطات الإماراتية بحق النشطاء. ويظل الإفراج عنه، ومعه باقي المعتقلين السياسيين، ضرورة ملحة لإنهاء الانتهاكات الحقوقية التي تضع الإمارات في مرمى الإدانات الدولية المتزايدة.