أصدرت المحكمة الابتدائية في تونس العاصمة أحكامًا قاسية بالسجن على 41 متهمًا في القضية المعروفة باسم “إنستالينغو”، وهي شركة إنتاج محتوى رقمي تمت مداهمتها في عام 2021، في سياق اتهامات تتعلق بزعزعة أمن الدولة وغسل الأموال والتحريض على العنف، وهي تهم درج النظام على توجيهها لمعارضيه.
وحُكم على رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، بالسجن 22 عامًا، فيما نال رئيس الوزراء السابق هشام المشيشي حكمًا بالسجن 35 عامًا.
كما صدرت أحكام أخرى بحق عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية، من بينهم الصحفيون سمية الغنوشي (سجن 25 سنة) وشهرزاد عكاشة 27 سنة، شذى الحاج مبارك 5 سنوات، لطفي الحيدوري 27 سنة، ووضاح خنفر 32 سنة، إلى جانب سياسيين ووزراء سابقين، مثل: رفيق عبد السلام 35 سنة، لطفي زيتون 35 سنة، السيد الفرجاني 13 سنة، ومحمد علي العروي 13 سنة.
كما شملت قائمة المحكومين كلًّا من عبد الكريم سليمان 14 سنة، سليم الجبالي 12 سنة، رياض بالطيب 8 سنوات، سامية الصبابطي 10 سنوات، توفيق السبعي 8 سنوات، أشرف بربوش 6 سنوات، الحبيب السبوعي 6 سنوات، مهدي الجمل 6 سنوات، لمياء الدعداع 6 سنوات، صافيناز بنعلي 6 سنوات، أشرف عمر 6 سنوات، مريم الدعداع 6 سنوات، أشرف الخضراوي 17 سنة، حمدي بوميزة 17 سنة، بشير اليوسفي 27 سنة، محمد الحشفي 25 سنة، سمية الخريجي 25 سنة، معاذ الخريجي 35 سنة، لزهر لونڤو 15 سنة.
وتُعد هذه الأحكام تصعيدًا غير مسبوق في استهداف المعارضين السياسيين، خاصة أن العديد من المتهمين تعرضوا لمحاكمات غيابية أو رفضوا المثول أمام القضاء بسبب ما وصفوه بانعدام العدالة.
وتعتبر هذه الأحكام أيضاً؛ الأكثر تشددًا منذ المحاكمات العسكرية التي طالت قيادات حركة النهضة في تسعينيات القرن الماضي.
ويُنظر إلى هذه المحاكمات على أنها جزء من نهج أوسع لتجريف المشهد السياسي وإسكات الأصوات المعارضة، وسط تصاعد الانتهاكات الموثقة، مثل التضييق على الصحافة وحملات الاعتقال بحق المعارضين والمدونين والنشطاء.
وتشير هذه الأحكام إلى تعمق الأزمة الحقوقية في البلاد منذ الإجراءات “الاستثنائية” التي اتخذها الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو/تموز 2021، والتي أفضت إلى حل البرلمان وتعزيز السلطة التنفيذية على حساب استقلال القضاء، الذي بات أداة سياسية بيد النظام، تستخدم التهم المتعلقة بأمن الدولة كذريعة لمحاكمة المعارضين، في غياب الحد الأدنى من معايير المحاكمات العادلة.
وقد تكون هذه الأحكام القاسية مقدمة لمزيد من القمع، لا سيما مع اقتراب جلسات ما يُعرف بملف “التآمر على أمن الدولة”، التي من المتوقع أن تنطلق في مارس/آذار 2025، والتي يُخشى أن تشهد أحكامًا أخرى بنفس القسوة، ما لم يكن هناك تحرك محلي ودولي لوقف هذا التدهور الحاد في المشهد الحقوقي التونسي.