بينما يستمر الحصار والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة؛ تتعمّق الأزمة الإنسانية للنازحين الذين اضطروا إلى ترك منازلهم بسبب القصف والتدمير الواسع.
وفي ظل غياب أي حلول حقيقية لإيواء النازحين؛ غرقت مئات الخيام وتطايرت أخرى بفعل الأمطار الغزيرة والرياح العاتية في رفح ومواصي خان يونس جنوب القطاع، ما أجبر آلاف العائلات على قضاء ليلتهم في العراء وسط البرد القارس.
وتفاقمت هذه الكارثة بسبب غياب الاستجابة الإنسانية الكافية، حيث لم تُتخذ أي إجراءات جدية لحماية النازحين أو توفير بدائل آمنة لهم، ما جعلهم في مواجهة مباشرة مع سوء الأحوال الجوية، إضافة إلى معاناتهم المستمرة من نقص الغذاء والمياه الصالحة للشرب والخدمات الطبية.
ويعاني النازحون من أوضاع مزرية بعد أن فقدوا مساكنهم نتيجة الحرب الإسرائيلية المستمرة، حيث اضطروا للإقامة في خيام مصنوعة من النايلون والقماش الرقيق، وهي مواد لا توفر الحد الأدنى من الحماية في ظل الأمطار والعواصف الشديدة.
وقد أدت العاصفة الأخيرة إلى انهيار المئات من هذه الخيام، مما ترك آلاف العائلات بلا مأوى تحت السماء المفتوحة، بينما يواجه الأطفال وكبار السن والمرضى أخطارًا صحية متزايدة.
وفي شمال القطاع؛ حيث عاد بعض النازحين إلى منازلهم المدمرة، يواجه المواطنون تحديات كبيرة في نصب الخيام مجددًا وسط الأجواء العاصفة، إضافة إلى النقص الحاد في المواد الغذائية وانعدام وسائل التدفئة بسبب غياب الوقود.
وتمثل معاناة النازحين في غزة انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، الذي يلزم الاحتلال بضمان حماية المدنيين وتوفير احتياجاتهم الأساسية في أوقات النزاعات. إلا أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكتفِ بتدمير منازل المدنيين، بل يواصل فرض حصار خانق يمنع إدخال المواد الأساسية اللازمة لإغاثتهم، ما يزيد من تفاقم الوضع الإنساني.
وتُعد سياسات الحصار والتشريد القسري جرائم حرب وفق القانون الدولي، حيث تمنع السكان من الحصول على الحد الأدنى من مقومات الحياة، وتعرضهم لظروف غير إنسانية تهدد حياتهم وصحتهم. ومع تواصل الحرب والحصار؛ يواجه سكان غزة كارثة إنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم وسط تجاهل المجتمع الدولي وتقاعسه عن التدخل الفعّال لحمايتهم.
على المجتمع الدولي أن يتدخل سريعاً لإنقاذ النازحين، عبر الضغط على الاحتلال لإنهاء حصاره الجائر والسماح بإدخال المساعدات العاجلة، بما في ذلك مستلزمات الإيواء والتدفئة والغذاء والدواء، ومحاسبة الاحتلال على انتهاكاته المستمرة، وضمان توفير الحماية للمدنيين وفق القوانين والاتفاقيات الدولية.
ومع استمرار العاصفة الجوية وتوقع عواصف أخرى خلال الأيام القادمة، يبقى السؤال: إلى متى سيبقى العالم صامتًا أمام هذه المأساة الإنسانية التي يعيشها سكان غزة؟