أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على إغلاق المكتبة العلمية في شارع صلاح الدين بمدينة القدس المحتلة، واعتقلت مالكيها الشقيقين محمود وأحمد منى، بحجة بيع كتب تصفها بـ”التحريضية”.
ويأتي هذا الإجراء ضمن سلسلة من الاستهدافات التي طالت المكتبات الفلسطينية خلال الأسابيع الأخيرة، في محاولة لفرض المزيد من القيود على الحريات الفكرية والثقافية في المدينة المحتلة.
وشهدت الأسابيع الماضية تصاعدًا في الاعتداءات الإسرائيلية على المكتبات الفلسطينية، حيث أقدمت قوات الاحتلال، في وقت سابق من هذا الشهر، على إغلاق مكتبتين في البلدة القديمة بالقدس، إحداهما في شارع خان الزيت، واعتقلت أصحابها تحت الذريعة ذاتها.
كما فرض الاحتلال غرامات باهظة على أصحاب المكتبات المستهدفة، وأصدر أوامر إدارية تقضي بإغلاقها لمدد متفاوتة.
وفي الحادثة الأخيرة؛ اقتحمت قوات الاحتلال المكتبة العلمية ظهر الأحد بعد حصولها على أمر تفتيش صادر عن محكمة الصلح الإسرائيلية، وقامت بمصادرة عدد من الكتب والمطبوعات.
وأفاد محامي أصحاب المكتبة بأن سلطات الاحتلال قدمت طلبًا لتمديد اعتقال الشقيقين منى لمدة 8 أيام، رغم عدم تقديم أدلة قانونية كافية تدعم مزاعمها بشأن الكتب المصادرة.
وأثارت هذه الاعتداءات ردود فعل واسعة، حيث حضر عدد من الدبلوماسيين الأوروبيين جلسة محاكمة الشقيقين منى، تعبيرًا عن قلقهم من التضييق المتزايد على المؤسسات الثقافية الفلسطينية. واعتبرت القنصلية الفرنسية أن استهداف المكتبات الفلسطينية في القدس يشكل “انتهاكًا صارخًا لحرية التعبير والقيم الديمقراطية”، مطالبةً بالإفراج الفوري عن المعتقلين.
ويعتبر إغلاق المكتبات الفلسطينية جزءًا من سياسة التضييق على الحريات الفكرية والثقافية في القدس، حيث سبق أن تعرضت العديد من المؤسسات الثقافية لاستهداف مماثل. فإلى جانب الاعتداءات المتكررة على مركز يبوس الثقافي ومصادرة الكتب التي تحمل رموزًا وطنية فلسطينية، واصلت سلطات الاحتلال حربها على المناهج التعليمية الفلسطينية، بزعم أنها تحتوي على مضامين “تحريضية”.
ويسعى الاحتلال من خلال هذه السياسات إلى طمس الرواية الفلسطينية، وفرض سيطرته على المشهد الثقافي في القدس، عبر قمع أي نشاط يعزز الهوية الوطنية الفلسطينية.
وفي ظل استمرار هذه الانتهاكات، يتوجب على المجتمع الدولي التدخل العاجل لحماية المؤسسات الثقافية الفلسطينية وضمان حرية الفكر والتعبير في القدس.
وتبقى المكتبات والمؤسسات الثقافية في القدس جزءًا أصيلًا من الهوية الفلسطينية، ولن تنجح هذه الممارسات القمعية في تغييبها، حيث يواصل المقدسيون مقاومتهم لهذه السياسات عبر التمسك بثقافتهم، والدفاع عن حقهم في المعرفة والوجود.