كشف الاسير الفلسطيني المحرر الصحفي أمين بركة عن تفاصيل مروعة حول ما تعرض له خلال فترة اعتقاله في سجون الاحتلال الإسرائيلي، حيث خضع لتعذيب ممنهج وتنكيل مستمر دون أي تهمة، في محاولة واضحة لإرهابه وإسكاته عن أداء عمله الصحفي.
وقال بركة الذي يقطن قطاع غزة، في تصريحات إعلامية، إن اعتقاله بدأ بعبارة صادمة وجهها له ضابط المخابرات الإسرائيلي قائلًا: “ويلكم تو هيل” أي “مرحبًا بك في الجحيم”، في إشارة إلى ما ينتظره من معاناة داخل المعتقلات.
وأكد أنه منذ اللحظات الأولى تعرض للضرب والتنكيل والشبح لساعات طويلة، كما خضع لتحقيقات قاسية تركزت على عمله الصحفي ونقله للرواية الفلسطينية حول أحداث السابع من أكتوبر والعدوان على غزة.
تعذيب نفسي وجسدي وتهديدات مباشرة
وقال بركة إن المحققين الإسرائيليين أجبروه خلال استجوابه على مشاهدة صور لصحفيين آخرين وسؤاله عنهم، وعندما رفض تقديم أي معلومات، تعرض لضرب مبرح زاد من قسوة التعذيب الذي لاقاه.
وأشار إلى أن أحد الضباط هدده قائلًا: “وجهنا صاروخًا إلى منزلك وتم قصفه، وعندما تعود إلى غزة لن تجد مكانًا تسكن فيه”، وهو ما تأكد له لاحقًا عندما خرج من الأسر واكتشف أن منزله قد دُمّر بالكامل.
وأضاف بركة أن ضابط المخابرات الإسرائيلي توعده بالقتل، لكنه استدرك: “لا تظن أننا سنقتلك ونريحك، ستتعرض لجولات أخرى من التعذيب”، مؤكدًا أن المحققين استخدموا أساليب نفسية قاسية، من بينها التهديد باغتياله على غرار ما حدث لعائلة الصحفي وائل الدحدوح.
وأظهرت الفحوص الطبية التي أجريت له بعد الإفراج عنه أنه يعاني من آثار تعذيب جسدي شديد، فضلًا عن فقدانه نحو 26 كيلوغرامًا من وزنه بسبب الانتهاكات التي تعرض لها داخل الأسر.
ظروف احتجاز قاسية ومعاملة مهينة
أمضى الصحفي الفلسطيني أكثر من أربعة أشهر متنقلًا بين عدة سجون إسرائيلية، بدايةً من الاعتقال في “غلاف غزة”، حيث ظل مكبّل اليدين ومغمض العينين لمدة 13 يومًا، ثم نُقل إلى سجن المسكوبية لمدة شهرين متتاليين، حيث بقي مكبل اليدين طوال هذه الفترة. وبعدها، تم نقله إلى سجن عوفر، ثم إلى سجن النقب، حيث استمر التعذيب والتنكيل بشكل ممنهج.
وأوضح بركة أن الأسرى كانوا يعانون من أوضاع معيشية مزرية، حيث تم منعهم من الحصول على الأغطية والفراش من الخامسة صباحًا حتى العاشرة مساءً، كما حُرموا من الملابس الشتوية، ما أدى إلى انتشار أمراض جلدية معدية بينهم، دون أن يوفر لهم الاحتلال أي علاج سوى “الأكامول”، الذي لم يكن يُقدَّم إلا في الحالات القصوى.
وأكد بركة أنه تلقى نصيحة من ضباط المخابرات الإسرائيليين بمغادرة قطاع غزة والابتعاد عن الإعلام، لكنه رفض ذلك قائلًا: “سنظل نتبنى الرواية الفلسطينية العادلة، ونكشف جرائم الاحتلال في كل أماكن تواجد شعبنا”.
وكانت صدمة الصحفي الفلسطيني كبيرة عند خروجه من المعتقل، إذ اكتشف مقتل اثنين من إخوته منذ عام، دون أن يتم إبلاغه بذلك طوال فترة اعتقاله، ليجد نفسه أمام واقع أشد قسوة مما كان يتوقع.
وتمثل شهادة الصحفي أمين بركة جزءًا من الانتهاكات المستمرة التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحفيين الفلسطينيين، الذين تعرضوا بشكل مكثف للاعتقال والتعذيب منذ بدء حرب الإبادة على غزة، في محاولة لطمس الحقائق وتقييد حرية الإعلام.