لليوم الـ38 على التوالي يواصل الاحتلال الإسرائيلي عملياته العسكرية المكثفة في مدينة جنين ومخيمها، مخلفاً دماراً واسعاً وانتهاكات جسيمة بحق المدنيين، في تصعيد جديد يعكس سياسة العقاب الجماعي وانتهاك القوانين الدولية التي تحمي السكان تحت الاحتلال.
وقد أسفرت هذه العمليات حتى الآن عن مقتل 27 فلسطينياً، وإصابة العشرات، بالإضافة إلى خسائر اقتصادية تقدر بـ20 مليون شيقل يومياً، نتيجة استمرار الحصار والإغلاق، لا سيما على حاجز الجلمة العسكري، ما أدى إلى شلل اقتصادي كامل في المنطقة، وتفاقم معاناة الآلاف من العمال والطلاب.
وتشهد جنين عمليات تدمير ممنهجة تشمل هدم منازل، وتجريف طرق، وإقامة بنى تحتية عسكرية، حيث يقوم الاحتلال بحفر خنادق بعمق ثلاثة أمتار حول المخيم، في محاولة واضحة لفرض تغييرات ديموغرافية وإحكام السيطرة على المنطقة. كما يتم إجبار الأهالي على النزوح القسري، وهو ما يُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني، الذي يحظر التهجير القسري للسكان المدنيين.
وفي إطار هذه السياسة؛ قامت قوات الاحتلال اليوم بأخذ قياسات منزل القتيل الفلسطيني إسلام خميسة تمهيداً لهدمه، في إجراء عقابي جماعي يعارض كل القوانين الدولية التي تحظر هدم المنازل كإجراء انتقامي ضد عائلات المتهمين أو القتلى.
ويفرض الاحتلال قيوداً مشددة على التغطية الإعلامية، حيث يمنع الصحفيين المحليين والدوليين من دخول المخيم لتوثيق الانتهاكات والدمار، في محاولة لإخفاء جرائمه عن الرأي العام العالمي.
وفي الوقت نفسه؛ تستمر عمليات الاعتداء على المواطنين، إذ أقدمت قوات الاحتلال الليلة الماضية على الاعتداء على شبان فلسطينيين قرب دوار يحيى عياش، بينما دفعت بتعزيزات عسكرية إضافية، بما في ذلك مدرعات من طراز “إيتان” وجرافات عسكرية ضخمة، وسط تحليق مستمر للطائرات الحربية.
كما تواصل قوات الاحتلال الاستيلاء على منازل المدنيين وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، خاصة في المناطق المطلة على المخيم، في خطوة تُظهر نية الاحتلال لإبقاء وجود عسكري دائم في المنطقة.
ويعاني آلاف الفلسطينيين النازحين من أوضاع إنسانية متدهورة، حيث يواجهون صعوبة في الوصول إلى منازلهم لجلب احتياجاتهم الأساسية، في ظل البرد القارس واقتراب شهر رمضان.
ومع استمرار الحصار، تتعرض الأحياء السكنية لأزمة مياه حادة، نتيجة استهداف الاحتلال للبنية التحتية وشبكات المياه، مما يعقد جهود الإصلاح ويجعل الظروف المعيشية أكثر قسوة.
وفي ظل هذا التصعيد، صرّح المفوض العام لوكالة الأونروا أن الضفة الغربية باتت ساحة معركة خطيرة، مؤكداً أن المدنيين هم الأكثر تضرراً من تداعيات الحرب في غزة، داعياً إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي.
ويستوجب استمرار هذه الجرائم فتح تحقيقات دولية حول الجرائم المرتكبة في جنين، وضمان توفير الحماية الدولية للمدنيين، في مواجهة انتهاكات الاحتلال التي تتصاعد بشكل متسارع.