تواصل جماعات المستوطنين، بدعم مباشر من قوات الاحتلال الإسرائيلي، اعتداءاتها ضد الفلسطينيين في مختلف أنحاء الضفة الغربية، في تصعيد ينذر بمزيد من التهجير القسري وانتهاك الحقوق الأساسية للسكان.
ففي مسافر يطا؛ هاجم مستوطنون، مساء الجمعة، منازل المواطنين في “واد الجوايا”، وأطلقوا الرصاص الحي نحوها، في محاولة لسرقة مواشي السكان، ما أدى إلى اشتباكات مع الأهالي الذين تصدوا للهجوم. وبدلًا من وقف الاعتداء، تدخلت قوات الاحتلال لصالح المستوطنين، واعتدت على الفلسطينيين بالضرب المبرح، وأطلقت قنابل الصوت والإنارة لتفريقهم.
وفي منطقة حوارة شرق يطا؛ أطلق المستوطنون أغنامهم في المحاصيل الزراعية للفلسطينيين، وعندما حاول السكان منعهم، تدخل جيش الاحتلال واعتقل ثلاثة مواطنين بعد احتجازهم والتحقيق معهم.
ولم تقتصر الاعتداءات على جنوب الضفة، بل امتدت إلى الأغوار الشمالية، حيث دمر المستوطنون، مستخدمين جرافة، خيامًا لمواطنين في منطقة خلة خضر، بعدما سبق لهم سرقتها على مراحل منذ الصيف الماضي.
كما أقدم المستوطنون على إقامة معرشات وزراعة عشرات أشجار الزيتون في محاولة لفرض أمر واقع جديد على الأراضي الفلسطينية المصادرة.
وفي شمال أريحا؛ تعرض تجمع شلال العوجا البدوي لهجوم جديد، حيث أقدم المستوطنون على سرقة 15 رأسًا من الأغنام تعود ملكيتها لأحد المواطنين، كما قاموا بذبح 5 أغنام أخرى، في تصعيد خطير يستهدف مصدر رزق السكان البدو، الذين يعانون من سياسات التضييق والتهجير المستمرة.
وتشكل هذه الاعتداءات انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، الذي يجرم الاستيطان في الأراضي المحتلة، بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر على دولة الاحتلال نقل سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها، أو مصادرة ممتلكات السكان الأصليين أو تهجيرهم قسريًا. كما أن الهجمات ضد المدنيين وممتلكاتهم تعد جرائم حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
ورغم الإدانات الحقوقية المستمرة؛ إلا أن المستوطنين يتمتعون بحصانة شبه كاملة، حيث تواصل قوات الاحتلال توفير الحماية لهم، بل والمشاركة الفعلية في هذه الاعتداءات عبر الاعتقالات والتنكيل بالسكان الفلسطينيين بدلًا من محاسبة المعتدين.
وبحسب تقارير فلسطينية رسمية؛ نفذ المستوطنون الشهر الماضي وحده 375 اعتداءً ضد الفلسطينيين، تركزت في رام الله والبيرة (105 اعتداءات)، نابلس (76 اعتداءً)، الخليل (55 اعتداءً)، وقلقيلية (31 اعتداءً)، ما يعكس تصاعدًا ممنهجًا للعنف، وسط سياسات إسرائيلية تهدف إلى توسيع الاستيطان وفرض وقائع جديدة على الأرض.
إن استمرار هذه الاعتداءات، في ظل غياب أي محاسبة دولية جدية، يزيد من المخاطر المحدقة بالسكان الفلسطينيين، ويفرض تحديًا على المجتمع الدولي للتحرك الفوري لوقف هذه الجرائم، وضمان حماية الفلسطينيين في أراضيهم، وفقًا للمواثيق والاتفاقيات الدولية التي تجرّم الاحتلال والاستيطان والاعتداءات ضد السكان المدنيين.