أقدمت أجهزة الأمن الفلسطينية على اعتقال الأسير المحرر محمد بشكار، من مدينة نابلس، بعد استدعائه للتحقيق.
وكان بشكار، الذي أُطلق سراحه مؤخراً في صفقة تبادل الأسرى مع الاحتلال الإسرائيلي، ضمن فئة الفتيان الذين حُرموا من استكمال تعليمهم بسبب سنوات الأسر الطويلة، وهو الآن يواصل دراسته لنيل شهادة الثانوية العامة.
ويثير اعتقال بشكار، الذي لم يمضِ وقت طويل على تحرره من سجون الاحتلال، أسئلة حقوقية وإنسانية جوهرية. فمن المفترض أن يُمنح الأسرى المحررون فرصة لإعادة بناء حياتهم، خاصةً أنهم ضحايا منظومة احتلال عسكري اعترفت الأمم المتحدة بانتهاكاتها المتكررة لحقوق الإنسان. وبدلاً من ذلك؛ يجد هؤلاء أنفسهم في دائرة ملاحقة جديدة، لكنها هذه المرة من قبل أجهزة يفترض بها أن تحميهم.
ويتعارض على النمط من الاعتقالات مع القوانين الدولية، خصوصاً المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تنص على أن “لكل فرد الحق في الحرية والأمان على شخصه، ولا يجوز توقيف أحد أو اعتقاله تعسفياً”.
وما يفاقم الوضع أن هذه الاعتقالات تأتي دون توجيه تهم واضحة، مما يجعلها أقرب إلى الاعتقال الإداري الذي لطالما واجهه الفلسطينيون تحت الاحتلال الإسرائيلي. لكن في هذه الحالة؛ يُمارَس الاعتقال بيد سلطة يُفترض أنها تمثل الفلسطينيين وتدافع عن حقوقهم، ما يحوّل هذا الانتهاك إلى خنجر في خاصرة العدالة الفلسطينية.
وتتزايد الاعتقالات ذات الدوافع السياسية بشكل مقلق في الضفة الغربية، حيث تعرض العشرات من النشطاء والأسرى المحررين للاستدعاء أو الاعتقال مؤخراً، وهو ما اعتُبر محاولةً لتكميم الأفواه واحتواء الأصوات التي تعبر عن مواقف رافضة للوضع القائم.
ويرفض القانون الدولي، وخاصةً اتفاقية مناهضة التعذيب لعام 1984، أي شكل من أشكال الاحتجاز التعسفي أو المعاملة المهينة، ويُلزم الدول – بما فيها السلطات المحلية – بحماية الأفراد من أي انتهاك لحقوقهم الأساسية. وعليه؛ فإن أي اعتقال على خلفية الرأي أو الانتماء السياسي يعد انتهاكاً صريحاً لهذه الاتفاقيات.
ويشكل اعتقال محمد بشكار نموذجاً صارخاً لما يواجهه الفلسطينيون من انتهاكات مزدوجة، في ظل واقعٍ سياسي معقد يفرض على الجهات الحقوقية والدولية دوراً أكثر فاعلية في حماية حقوقهم وضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي.