في كل يوم يمر على سكان قطاع غزة؛ يصبح البقاء على قيد الحياة تحديًا يتجاوز كل التوقعات. ليس فقط بسبب القصف المستمر والانهيار الكامل للمنظومة الصحية، بل لأن الخبز بات ترفًا، والماء النظيف أمنية، والطعام حلمًا مؤجلًا.
ومع انقطاع الإمدادات وغياب أبسط مقومات الحياة، يعيش مليونا إنسان في القطاع تحت حصار خانق، يهددهم بالموت جوعًا أو قهرًا، وسط صمت دولي مطبق ومجتمع دولي يبدو وكأنه تخلّى عن مسؤولياته الأخلاقية والقانونية.
وفي هذا السياق؛ حذّر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة من خطر مجاعة شاملة تلوح في الأفق، مؤكدًا أن غالبية سكان القطاع، ومعظمهم من النازحين داخليًا، باتوا بلا دخل، ويعتمدون بالكامل على المساعدات الإنسانية، التي لم تعد تصلهم بفعل الإغلاق التام للمعابر من قِبل الاحتلال.
وقال البرنامج إن “الخطر المتزايد الذي يواجه مئات الآلاف من المدنيين في غزة يتفاقم مع النقص الحاد في المخزون الغذائي”، مؤكدًا أن هناك حاجة ماسّة لتدفق مستمر وغير منقطع للغذاء، وإن استمرار الوضع الحالي ستكون له عواقب إنسانية وخيمة.
ويستخدم الاحتلال الغذاء والماء والدواء كأدوات حرب، في خرق واضح وصريح للقانون الدولي الإنساني، الذي يحظر تجويع السكان المدنيين كوسيلة قتال. ووفق اتفاقيات جنيف، فإن منع دخول المساعدات الإنسانية، في ظل حاجة ماسة، يُعد جريمة حرب تستوجب المحاسبة الدولية.
ومع تصاعد الأزمة؛ تعيش غزة مأساة غير مسبوقة، بين أطفال يموتون من الجوع، وعائلات تحرق أثاثها للطهو، وطوابير تمتد لساعات من أجل لقمة غير مضمونة. وبينما يتواصل العدوان والقصف، تُمنع شاحنات الغذاء والدواء من الدخول، وتُغلق المعابر بقرارات عسكرية تنتهك كل الأعراف الإنسانية.
وفي ظل هذه المعطيات؛ يتوجب فتح تحقيقات مستقلة حول سياسة الحصار والتجويع في غزة، ومحاسبة المسؤولين عنها باعتبارها جرائم ضد الإنسانية، وممارسة ضغط دولي حقيقي لإجبار الاحتلال على فتح المعابر وتأمين المساعدات العاجلة، وإنقاذ أرواح مهددة بالفناء.