قُتل وأُصيب عشرات المدنيين الفلسطينيين، فجر الثلاثاء، في سلسلة غارات جوية وقصف مدفعي عنيف شنه الاحتلال الإسرائيلي على مناطق متفرقة في قطاع غزة، ضمن حرب الإبادة المتواصلة منذ السابع من أكتوبر 2023، خلّف حتى الآن أكثر من 51 ألف قتيل وأكثر من 116 ألف مصاب، معظمهم من المدنيين.
وأسفر القصف عن مقتل 14 مدنياً، بينهم طفلان وطبيب، إلى جانب إصابات متعددة نتيجة استهداف المباني السكنية ومناطق الإيواء.
ففي وسط مدينة خان يونس، قُتل تسعة أشخاص بينهم طفلان وأُصيب 13 آخرون بعد استهداف عمارة سكنية لعائلة “شبير”. كما قُصفت خيمة تؤوي نازحين في حي الكتيبة بالمدينة ذاتها، ما أدى إلى سقوط جرحى في صفوف المدنيين.
وفي مدينة غزة؛ قُتل عدد من السكان إثر قصف منزل لعائلة “بكر”، بينما استُهدف الطبيب ماجد نصر إسماعيل في دير البلح أثناء تأدية مهامه، في استمرار ممنهج لاستهداف الطواقم الطبية.
كما طالت الغارات كراجات للمعدات الثقيلة تابعة للبلديات والشركات، إلى جانب تدمير مبانٍ سكنية بالكامل في مدينة رفح، واستهداف أربع جرافات مدنية في بلدة القرارة شمال خان يونس، وهو ما يعكس نمطاً واضحاً في ضرب المقومات المدنية والإغاثية.
وفي الجنوب، توغلت قوات الاحتلال من شمال مدينة رفح باتجاه منطقة قيزان أبو رشوان جنوب خان يونس، تحت غطاء من القصف المدفعي، ما أدى إلى موجات نزوح إضافية للسكان من الأحياء المستهدفة، وسط أوضاع إنسانية متدهورة وانعدام مقومات الحياة الأساسية.
وتمثل الانتهاكات المتواصلة التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزة نمطاً ممنهجاً من حرب إبادة جماعية تستهدف وجود السكان الفلسطينيين ومقومات حياتهم الأساسية، في انتهاك جسيم وصارخ للقانون الدولي الإنساني، وعلى وجه الخصوص اتفاقيات جنيف التي تُجرّم استهداف المدنيين والبنى التحتية الحيوية، وتُلزم الأطراف المتحاربة بحماية الطواقم الطبية والمرافق الصحية.
إن الاستهداف المتعمد للأحياء المكتظة بالسكان، وقصف الخيام التي تؤوي النازحين، وقتل الأطباء والمسعفين، لا يمكن تفسيره إلا ضمن سياسة تهدف إلى تصفية جماعية للسكان المدنيين، وهي أفعال تُصنَّف قانوناً كـ جرائم إبادة، لا يمكن تبريرها أو السكوت عنها، ولا يجوز أن تمرّ دون محاسبة جنائية شاملة.
وأمام هذا الواقع الكارثي، ومع الارتفاع المستمر في أعداد القتلى والجرحى؛ بات من الملحّ فتح تحقيق دولي مستقل وشامل لكشف أركان جريمة الإبادة الجماعية الجارية في قطاع غزة، وملاحقة المسؤولين عنها أمام المحاكم الدولية المختصة، تأكيداً على حق الشعوب في الحماية، وترسيخاً لمبادئ العدالة الدولية.
إن تقاعس المجتمع الدولي وصمته عن هذه المجازر المتواصلة لا يمنح الاحتلال حصانة فحسب، بل يُعد تواطؤاً بالصمت في جريمة تاريخية تُرتكب على مرأى العالم، ويهدد بانهيار ما تبقى من منظومة القانون الدولي، ويعمّق فقدان الشعوب للثقة في مؤسسات العدالة وحقوق الإنسان.