ندّد المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، بالأحكام الأخيرة الصادرة عن القضاء التونسي بحق 37 متهماً في ما يُعرف بقضية “التآمر على أمن الدولة”، واصفاً إياها بأنها “نكسة للعدالة وسيادة القانون”.
وأعرب تورك، في بيان رسمي، عن “قلقه العميق” من طول العقوبات التي تراوحت بين 4 و66 عاماً، مشيراً إلى أن المحاكمة شابتها “انتهاكات صارخة لحقوق الدفاع والمعايير الدولية للمحاكمة العادلة”، بما في ذلك غياب الشفافية ومنع الصحفيين والدبلوماسيين من حضور الجلسات، إضافة إلى حرمان المتهمين من الحديث في جلسة النطق بالحكم.
كما دعا المفوض الأممي السلطات التونسية إلى “إسقاط التهم في حال عدم وجود أدلة كافية”، وشدّد على ضرورة توفير ضمانات حقيقية للمحاكمة العادلة في مراحل الاستئناف القادمة.
وتعود جذور هذه القضية إلى فبراير 2023، عندما أوقفت السلطات التونسية عدداً من السياسيين المعارضين والمحامين وناشطي المجتمع المدني، بتهم تشمل “محاولة تقويض أمن الدولة”، و”التخابر مع جهات أجنبية”، و”التحريض على الفوضى”. لكن منظمات حقوقية محلية ودولية اعتبرت القضية “ذات طابع سياسي بحت”، وتُستخدم – بحسب وصفها – لـ”تصفية المعارضين وتكميم الأصوات الرافضة لنهج الرئيس قيس سعيد”.
ومنذ 25 يوليو 2021، تعيش تونس على وقع انقلاب دستوري وترسيخ لحكم الفرد، بعد أن أقدم الرئيس سعيد على حلّ البرلمان والمجلس الأعلى للقضاء، وحكم بمراسيم رئاسية، وأقرّ دستوراً جديداً عبر استفتاء قوبل بمقاطعة واسعة.
وتؤكد الأحكام القاسية في قضية “التآمر” أن النظام التونسي بقيادة قيس سعيد يواصل تفكيك آخر ما تبقى من مؤسسات الاستقلال القضائي والحقوقي، ضارباً عرض الحائط بمكتسبات الثورة. ففي الوقت الذي كان ينتظر فيه الشعب التونسي استكمال مسار ديمقراطي حقيقي؛ يجد نفسه أمام سلطة تُحكم قبضتها عبر محاكمات تفتقر لأدنى معايير العدالة، وتُسخَّر فيها أجهزة القضاء لتصفية الخصوم السياسيين وكسر إرادة المجتمع المدني.