تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بالتواطؤ مع مجموعات المستوطنين، تنفيذ سياسة السيطرة التدريجية على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، عبر تجريف الأراضي الزراعية وفرض واقع استيطاني جديد بالقوة.
ففي ساعات صباح اليوم، اقتحمت جرافات عسكرية إسرائيلية، بمساندة مجموعات من المستوطنين، بلدة قصرة جنوب شرق نابلس، حيث شرعت بتجريف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في منطقة رأس العين. وأفادت مصادر محلية بأن عشرات المستوطنين تمركزوا في محيط منازل المواطنين بالتزامن مع عمليات التجريف، في مشهد يعكس تصعيدًا ممنهجًا لاستهداف المناطق السكنية والزراعية الفلسطينية.
تندرج هذه الاعتداءات ضمن سياسة ممنهجة تتبعها سلطات الاحتلال والمستوطنون لفرض أمر واقع جديد على الأرض، عبر السيطرة التدريجية على المناطق المحاذية للمستوطنات المقامة بشكل غير قانوني، وإجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم تحت ضغط الاعتداءات المتكررة.
تعتمد هذه السياسة على أدوات متنوعة تشمل تجريف الأراضي الزراعية، واقتلاع الأشجار المثمرة، والاعتداء الجسدي على المزارعين والرعاة، ومنع التوسع العمراني الفلسطيني، وإقامة بؤر استيطانية جديدة بحماية الجيش الإسرائيلي.
تُعد هذه الممارسات انتهاكًا جسيمًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر مصادرة الأراضي أو تدمير الممتلكات الخاصة للسكان الخاضعين للاحتلال، وتمنع نقل سكان الدولة المحتلة إلى الأراضي المحتلة.
كما تخالف هذه السياسات قرارات الأمم المتحدة، ولا سيما قرار مجلس الأمن رقم 2334 لعام 2016 الذي أكد أن إنشاء المستوطنات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة ليس له شرعية قانونية ويشكل انتهاكًا صارخًا بموجب القانون الدولي.
تُعتبر بلدة قصرة ومحيطها من أكثر المناطق استهدافًا من قبل المستوطنين، حيث تتعرض لاعتداءات متكررة شملت اقتلاع مئات أشجار الزيتون واللوزيات، وتخريب المنشآت الزراعية، وإطلاق النار على السكان. وتمثل هذه الممارسات تهديدًا وجوديًا للتجمعات السكانية الفلسطينية الصغيرة، التي باتت تواجه خطر التهجير القسري بفعل الإرهاب المنظم الذي تمارسه الميليشيات الاستيطانية تحت حماية رسمية من الجيش الإسرائيلي.
يستمر هذا التصعيد في ظل صمت دولي مريب، وتواطؤ بعض الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي، ما يعزز مناخ الإفلات من العقاب ويشجع سلطات الاحتلال والمستوطنين على مواصلة جرائمهم بحق المدنيين الفلسطينيين وأراضيهم.
تؤكد المعطيات الميدانية أن هذه السياسات الاستيطانية تمثل انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي وتقتضي تحركًا دوليًا عاجلًا، يتجاوز حدود بيانات الشجب والإدانة، نحو إجراءات عملية لوقف جرائم الاستيطان، ومحاسبة المسؤولين عنها، وتوفير الحماية الدولية للسكان الفلسطينيين في المناطق المهددة.
إن استمرار هذه الممارسات يضع المجتمع الدولي، والأمم المتحدة تحديدًا، أمام اختبار حقيقي لمدى التزامه بإنفاذ القانون الدولي وحماية حقوق الإنسان الأساسية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.