في ظل صمت دولي خانق؛ يتواصل الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة ليحوّله إلى منطقة موت بطيء، حيث لا صوت يعلو فوق صوت الجوع والدمار. وبينما تتساقط القذائف على رؤوس المدنيين؛ هناك آلة أخرى للقتل تعمل في الخفاء: الجوع والمرض والعطش.
وفي هذا الإطار؛ حذّرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من أن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة يقتل بصمت المزيد من النساء والأطفال يومياً، إلى جانب من يُقتلون جراء القصف المباشر.
وقال المفوض العام لـ”أونروا”، فيليب لازاريني، في منشور على منصة “إكس”، إن “الأطفال والنساء والمسنين في غزة يُعاقبون جماعياً”، في إشارة إلى استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات الأساسية منذ ما يزيد عن شهرين.
وأكد لازاريني أن الوضع الإنساني الكارثي يتفاقم كل يوم، وأن الحصار وحده، بمعزل عن القصف، بات أداة قتل جماعية، مطالبا الاحتلال برفع الحصار فوراً والسماح بتدفق الإمدادات الأساسية إلى القطاع، الذي يعاني سكانه من مجاعة حقيقية، وانهيار في النظام الصحي، وعجز في شبكات المياه والكهرباء.
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد استأنف حرب الإبادة الجماعية على غزة فجر 18 آذار/مارس 2025، رغم اتفاق لوقف إطلاق النار كان قد دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير، لكنه استمر في خرقه طوال فترة التهدئة.
وأسفرت حرب الإبادة المدعومة سياسياً وعسكرياً من الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية، عن سقوط أكثر من 170 ألف قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 14 ألف مفقود لا يزال مصيرهم مجهولاً تحت الركام أو في مقابر جماعية لم يتم توثيقها.
ويمثّل الحصار المفروض على أكثر من مليوني إنسان في غزة أحد أوجه الإبادة الجماعية الحديثة، حيث يُستخدم التجويع المنهجي، وحرمان السكان من الغذاء والماء والدواء، كوسيلة متعمدة لتدمير الحياة المدنية واستهداف الوجود الفلسطيني.
ويندرج هذا السلوك الشائن، بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبتها لعام 1948، ضمن الأفعال التي تُشكّل إبادة جماعية، لا سيما مع توافر القصد الواضح بإلحاق الأذى الجسيم أو النفسي بجماعة محددة.
كما أن شلّ مقومات الحياة في غزة، وفرض ظروف معيشية قاتلة، يُعدّ خرقاً صارخاً للقانون الدولي، وتحديداً النظام الأساسي لـمحكمة الجنايات الدولية، وسط غياب تام لآليات فعالة للمساءلة، ما يكرّس نظاماً من الإفلات الكامل من العقاب في واحدة من أكثر الجرائم الجماعية وضوحاً في العصر الحديث.