في تصريح خطير يعبّر عن تصاعد النزعة العنصرية وسياسات الإبادة الجماعية التي تنتهجها حكومة الاحتلال الإسرائيلي؛ دعا وزير التراث في حكومة بنيامين نتنياهو، عميحاي إلياهو، إلى استخدام سلاح التجويع بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وذلك بقصف مستودعات الغذاء والوقود، لمنع أي إمكانية لاستمرار الحياة الطبيعية ودفع السكان نحو الهجرة القسرية.
وقال الوزير، المنتمي إلى حزب “عوتسما يهوديت” المتطرف بقيادة إيتمار بن غفير، في مقابلة تلفزيونية على القناة السابعة العبرية، إن “الغزيين يجب أن يجوعوا”، في تصريح يعكس مدى التحريض العلني والمتعمد على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ويُعد انتهاكاً مباشراً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف التي تحظر استخدام التجويع كسلاح حرب.
وأضاف إلياهو أن إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة يُضعف “القدرة القتالية” للاحتلال، داعيًا إلى وقفها بشكل كامل.
وذهب أبعد من ذلك حين اعتبر أن الحديث عن المساعدات لا علاقة له بـ”الأخلاق اليهودية”، في تهجم فج على القيم الإنسانية المتعارف عليها دوليًا.
وقال إن الحكومة يجب أن تستغل الدعم الأمريكي المتواصل وتشن عملية عسكرية ضخمة، معتبراً أن على الفلسطينيين في غزة أن يختاروا بين الهلاك أو الهجرة، وأنه من الضروري تنفيذ برنامج “الهجرة” ببطء تحت ضغط المجاعة والمعاناة، وهو تصريح يعكس نية مبيتة في تنفيذ خطة تطهير عرقي تدريجية.
وجاء هذا التحريض السياسي جاء في وقت يعيش فيه قطاع غزة تحت حصار خانق منذ أكثر من سبعة عشر شهراً، تفاقم بشكل مأساوي منذ 2 مارس 2025، حين أغلقت سلطات الاحتلال جميع معابر القطاع، ومنعت دخول المواد الغذائية والطبية والإغاثية، مما أدى إلى تدهور غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية.
ويعيش حاليا أكثر من 2.4 مليون فلسطيني دون غذاء أو دواء أو مأوى، بعد أن دُمرت أحياؤهم وتهجر أكثر من 90% منهم، بعضهم أكثر من مرة، ويعانون ظروفا لا تليق بالبشر، في ملاجئ مكتظة أو في العراء، وسط تفشي الأمراض والأوبئة ونقص حاد في المياه النظيفة والخدمات الصحية.
وتهدف هذه السياسة الممنهجة إلى خلق بيئة طاردة قسرية للفلسطينيين، ضمن سياسة تطهير عرقي يتوافق مع تعريف جريمة الإبادة الجماعية الواردة في اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، التي تحظر تعمد إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي بجماعة قومية بهدف تدميرها كلياً أو جزئياً.
إن تصريحات إلياهو ليست الأولى من نوعها، بل تأتي ضمن سلسلة متواصلة من التحريض والجرائم المعلنة من قبل وزراء في حكومة الاحتلال، ما يعكس تقاعس المجتمع الدولي أمام جرائم واضحة ومدروسة، تُرتكب بدعم عسكري وسياسي أمريكي معلن.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، قتل أكثر من 170 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود لا يزال مصيرهم مجهولاً، وسط دمار شامل للبنية التحتية وخدمات الصحة والتعليم.