قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن إقدام جهاز المخابرات العامة الفلسطيني في جنين على اختطاف الطفل القاصر وطن ثامر عبد المغني سباعنة من بلدة قباطية، وإخفائه قسرًا، متحديًا قرارًا قضائيًا صريحًا بالإفراج عنه، هي جريمة تعكس الانهيار التام لمنظومة العدالة، وانتهاك فج لأبسط قواعد القانون وحقوق الإنسان، واستهتار خطير بمبدأ استقلال القضاء، وسيادة القانون.
وذكرت المنظمة أن عملية توقيف الطفل سباعنة جرت قبل أيام عبر كمين أمني نفّذه عناصر جهاز المخابرات العامة في محافظة جنين، حيث تم اعتقاله دون مذكرة قضائية، ثم اقتياده إلى جهة غير معلومة. ومنذ تلك اللحظة، حُرمت أسرته من زيارته أو التواصل معه، كما لم يُعرض على أي جهة قضائية مختصة، ما يجعل احتجازه الحالي غير قانوني من الناحية الشكلية والموضوعية، ويخالف تمامًا ما تنص عليه القوانين الفلسطينية والاتفاقيات الدولية بشأن حقوق الطفل، وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
الطفل وطن سباعنة، البالغ من العمر 16 عامًا، لم تُوجّه إليه أي تهمة رسمية حتى اللحظة، ما يثير مخاوف بالغة بشأن تعرضه للتعذيب أو المعاملة القاسية خلال فترة الإخفاء، خاصة في ظل ما تم توثيقه من انتهاكات متكررة داخل مقار الأجهزة الأمنية بشكل عام، بما في ذلك الضرب، الحرمان من النوم، التعليق والشبح، والتعذيب النفسي.
وأكدت المنظمة أن جهاز المخابرات تجاهل بشكل سافر قرارًا قضائيًا صادرًا بتاريخ 29 نيسان/أبريل 2025 عن المحكمة الإدارية يقضي بالإفراج الفوري عن الطفل، مما يعكس تغوّل الأجهزة الأمنية على القضاء، وتحللها من أي التزام قانوني، في انتهاك صارخ لاتفاقيات دولية تحظر احتجاز الأطفال تعسفًا أو تعريضهم لسوء المعاملة.
وشددت المنظمة على أن ما جرى لا يمكن اعتباره حادثًا فرديًا أو تصرفًا استثنائيًا في ظل التعاون الامني الوثيق مع قوات الاحتلال فهو نمط منهجي من الاعتقالات والإخفاءات القسرية تمارسه الأجهزة الأمنية الفلسطينية بحق النشطاء والمواطنين، بمن فيهم الأطفال. هذه الممارسات، إلى جانب ما يرافقها من انتهاك للضمانات القانونية، وتجاهل لأحكام القضاء، وغياب تام للمحاسبة، تُستخدم كأدوات لترهيب المجتمع وإسكات أي صوت مناهض للاحتلال وأجندة السلطة.
وأضافت المنظمة أن هذا النوع من الانتهاكات، حين تحدث في ظل احتلال عسكري مستمر يرتكب جريمة الإبادة الشاملة في قطاع غزة والإبادة الزاحفة في الضفة الغربية تزيد وتضاعف معاناة الشعب الفلسطيني وتضعف مناعته في ظل صراعه مع الاحتلال وقطعان المستوطنين على الوجود.
وحملت المنظمة رئيس السلطة محمود عباس، ورئيس الحكومة محمد مصطفى، ورئيس جهاز المخابرات العامة المسؤولية الكاملة عن مصير الطفل سباعنة، مؤكدة أن ما حدث لا يمكن عزله عن السياق السياسي العام الذي يوفر الغطاء لانتهاك القانون. كما دعت المجتمع الدولي، وخاصة اليونيسف، ولجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، إلى التحرك العاجل للكشف عن مصير الطفل سباعنة، والضغط للإفراج الفوري عنه، وضمان سلامته الجسدية والنفسية، ومحاسبة المتورطين في احتجازه وتعذيبه.
وأكدت أن استمرار هذه الانتهاكات في غياب أي محاسبة فعلية، ووسط صمت دولي متواصل، يبعث برسائل خطيرة مفادها أن القمع يمكن أن يُمارس بلا رادع، حتى بحق الأطفال، وهو أمر غير مقبول أخلاقيًا ولا قانونيًا، ويجب مواجهته بكل الوسائل المتاحة.