في جرائم جديدة تضاف إلى سجل الاحتلال الحافل بالانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني؛ قُتل 18 فلسطينيًا، بينهم أطفال ونساء، في سلسلة غارات استهدفت مناطق متفرقة من قطاع غزة، أبرزها قصف مزدوج طال مدرسة كانت تؤوي نازحين في مخيم جباليا شمال القطاع.
وامتد العدوان الإسرائيلي أيضاً إلى وسط وجنوب القطاع، حيث قتلت طفلة في قصف بطائرة مسيّرة استهدف محيط مسجد في النصيرات، فيما لقي فلسطيني آخر حتفه متأثرًا بجراح أصيب بها في قصف سابق على مدرسة وسط القطاع.
وجنوبًا؛ كانت مدينة رفح على موعد مع جولة جديدة من الغارات الجوية العنيفة وعمليات النسف الممنهج للمنازل، ما يعكس إصرار الاحتلال على تدمير البنية السكنية للقطاع بالكامل، وحرمان السكان من أبسط مقومات الحياة.
أما شرق مدينة غزة، فقد استُهدفت منازل سكنية بعمليات نسف مباشرة، ترافقت مع إطلاق نار مكثف من الآليات المتمركزة قرب الحدود.
وتجاوز الوضع في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 توصيف “العدوان” أو “الحرب”، ليأخذ شكل إبادة جماعية مكتملة الأركان، قُتل خلالها حتى اليوم أكثر من 172 ألف قتيل وجريح، الغالبية الساحقة منهم من الأطفال والنساء، وأسفرت عن أكثر من 11 ألف مفقود تحت الأنقاض، وأحياء بكاملها أزيلت من الخريطة، وأكثر من 1.5 مليون إنسان بلا مأوى، يتنقلون من ركام إلى خيام، ومن مجازر إلى تهديد دائم بالموت.
ووفق القانون الدولي؛ فإن ما يجري في قطاع غزة يمثل انتهاكا جسيما لاتفاقية جنيف الرابعة، وخرق صريح لكل مبادئ حماية المدنيين في النزاعات المسلحة، حيث لا يمكن تبرير استهداف المدارس والمستشفيات ومنازل المدنيين بأي ذريعة أمنية، بل يمثل جريمة حرب واضحة، يُفترض أن تُلاحق على أعلى المستويات.
إن ما يجري في غزة اليوم هو اختبار للضمير الإنساني، واختبار لفكرة العدالة الدولية التي طالما تغنّى بها العالم المتحضر. وبينما تتساقط القنابل على رؤوس الأطفال، وتُحوَّل المدارس إلى مقابر، تكتفي عواصم القرار بالبيانات الغامضة، وكأن دماء الفلسطينيين لا تستحق سوى كلمات باهتة لا توقف عدوانًا ولا تحمي حياة.