في ظل تسارع الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، حيث تتساقط أرواح الأطفال جوعًا، وتتفاقم المجاعة بفعل الحصار الإسرائيلي الشامل، وجهت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا رسائل عاجلة إلى الأمم المتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي، إضافة إلى العديد من الحكومات والبعثات الدبلوماسية حول العالم، تدعوهم فيها إلى اتخاذ موقف حازم وقرارات ملزمة لوقف الإبادة الجماعية وإنهاء المجاعة المتعمدة المفروضة على أكثر من مليوني مدني.
أكدت المنظمة أن ما يجري في غزة ليس كارثة طبيعية، بل سياسة تجويع ممنهجة، بدأت منذ 2 مارس/آذار 2025 حين فرض الاحتلال الإسرائيلي حصارًا مطلقًا شمل منع دخول الغذاء والماء وحليب الأطفال والوقود والإمدادات الطبية. ومنذ ذلك الحين، سُجّلت عشرات الوفيات بسبب الجوع، معظمهم من الأطفال، بينما يواجه الآلاف خطر الموت في صمت مدوٍ.
وشددت المنظمة على أن هذه الجريمة ما كانت لتستمر لولا الدعم السياسي والعسكري والغطاء الدبلوماسي الذي توفّره قوى غربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. وقد أشارت المنظمة إلى الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الخليج، مؤكدة أن لدى دول الخليج أوراق ضغط حقيقية بحكم استثماراتها الضخمة في الاقتصاد الأمريكي، وينبغي أن توظف هذا النفوذ لوقف التواطؤ الأمريكي ومنع استمرار هذه المجازر.
كما حمّلت المنظمة الاتحاد الأوروبي مسؤولية مباشرة عن الصمت المخجل، مذكرة بموقفه المتناقض بين تعاطفه الإنساني العميق مع ضحايا الحرب في أوكرانيا، وتواطئه العملي في حرب الإبادة ضد المدنيين في غزة، وهو تناقض يُسقط كل مزاعم القيم التي يتشدق بها الساسة الأوروبيون. وفي هذا السياق، دعت المنظمة الاتحاد الأوروبي رسميًا إلى وقف أي شكل من أشكال الدعم السياسي أو العسكري أو الاقتصادي للاحتلال الإسرائيلي، واتخاذ خطوات عملية لمحاسبته، بما في ذلك تجميد اتفاقيات التعاون، وفرض عقوبات على المسؤولين عن الحصار والجرائم المرتكبة في غزة.
وأشارت المنظمة إلى حالة الشلل التي يعانيها مجلس الأمن، نتيجة الفيتو الأمريكي المتكرر الذي عطل كل الجهود الدولية لوقف العدوان، مشيرة إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الاستثنائية الطارئة العاشرة، كانت قد أقرت قرارات واضحة تطالب برفع الحصار وضمان تدفق المساعدات، لكن تلك القرارات ظلت حبرًا على ورق في ظل غياب الإرادة السياسية.
ودعت المنظمة بوضوح إلى تجاوز هذه الحالة من التواطؤ العاجز، وطالبت المجتمع الدولي بكافة مؤسساته، خصوصًا الدول ذات النفوذ، بالتحرك الفوري لتطبيق قرارات الأمم المتحدة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية عبر الوكالات الدولية المعتمدة دون أي تأخير أو شروط، موضحة أن استخدام الغذاء كسلاح، ومنع المساعدات كأداة ابتزاز، يمثل جريمة حرب تستوجب الملاحقة والمساءلة، وأن فشل الأمم المتحدة في حماية المدنيين في غزة هو وصمة عار لن تُمحى من التاريخ.
وأكدت المنظمة أن الوقت ينفد، وأن ما يحدث في غزة اليوم سيُكتب في سجل الإنسانية كأحد أبشع فصول التواطؤ العالمي مع الجريمة. لقد أصبحت مسؤولية إنقاذ الأطفال من الموت جوعًا، ووقف الإبادة الجماعية، واجبًا قانونيًا وأخلاقيًا، وأي تهاون فيه هو شراكة صريحة في الجريمة.