يشهد قطاع غزة انهياراً شاملاً في نظامه الصحي مع استمرار حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال منذ 7 أكتوبر 2023، وسط حصار مُحكم وغارات متواصلة طالت البشر والحجر، ولم تستثنِ حتى المرافق الطبية.
وفي هذا الإطار؛ حذرت وزارة الصحة في غزة من أن المستشفيات باتت غير قادرة على تقديم الحد الأدنى من الرعاية، بسبب النقص الحاد في الأجهزة والمستلزمات الطبية، مؤكدة أن أقسام العمليات والعناية المركزة والطوارئ تُدار بأدوات منتهية الصلاحية ومستهلكة، بينما تُسجل أصناف طبية حيوية على أنها “منعدمة بالكامل”.
وأضافت الوزارة أن الأجهزة الحيوية مثل الأشعة المتنقلة وأجهزة التخدير لم تعد متوفرة، مما يعطل التدخلات الجراحية العاجلة، خصوصاً مع ارتفاع عدد الإصابات اليومية، لافتة إلى أن العمليات التخصصية في مجالات العظام، الأوعية الدموية، العيون، والجراحة العامة، باتت متوقفة بسبب غياب الأدوات، ما يضاعف من خطورة الإصابات.
وأكدت أن أقسام المبيت تعاني من نقص حاد في الأسرّة والمعدات الأساسية، وأن رصيد الغازات الطبية، بما في ذلك الأوكسجين وثاني أوكسيد الكربون، قد نفد تماماً. كما أن إجراءات مكافحة العدوى في حالة انهيار بسبب فقدان أدوات النظافة والتعقيم الأساسية، في وقت باتت الطواقم الطبية تعمل دون أي دعم غذائي أو لوجستي.
ويمثل هذا الانهيار في المنظومة الصحية وجهاً من وجوه الإبادة الجماعية التي ينفذها الاحتلال على مراحل، وتتجاوز القتل المباشر إلى تدمير مقومات البقاء، حيث منع دخول الإمدادات الطبية، واستهدف المراكز الصحية، ومنع إجلاء الجرحى، في ممارسات تهدف إلى الحكم بإعدام أهالي غزة.
ووفق تعريف جريمة الإبادة الجماعية في اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948، فإن فرض ظروف تؤدي إلى تدمير مجموعة قومية أو عرقية، كلياً أو جزئياً، يندرج صريحاً ضمن الإبادة، وما يحدث اليوم في غزة يحقق هذا الوصف بشكل متكامل.
ومنذ بدء الحرب، سقط أكثر من 172 ألف قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، مع أكثر من 11 ألف مفقود، فيما يعيش أكثر من 1.5 مليون إنسان بلا مأوى، وتُدمر قطاعات حيوية كالصحة والتعليم والخدمات بالكامل، ضمن سياسة إحراق شامل.
إن ما يجري داخل غرف العمليات، وعلى أبواب المشافي، وتحت أنقاض البيوت، هو فصل جديد من جريمة إبادة موثّقة بالصوت والصورة، وسط صمت دولي، يجعل من العالم شريكا في هذه الجريمة.