حذّرت ثلاث من أبرز الوكالات الأممية – منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) – من أن قطاع غزة يواجه مجاعة وشيكة، نتيجة استمرار الحصار الشامل الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي، وحرمان السكان من الغذاء والمياه والرعاية الصحية.
جاء ذلك في تقرير جديد صدر تحت عنوان “التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي”، والذي أظهر أن جميع سكان غزة، البالغ عددهم نحو 2.1 مليون نسمة، يواجهون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، في وضع لا يُشبهه أي سياق إنساني في العالم اليوم.
ووفق التقرير، صُنّف 93% من السكان بين المرحلتين الثالثة والخامسة، من أصل خمس مراحل تحدد مستويات انعدام الأمن الغذائي، حيث يُقدّر أن 244 ألف شخص (12%) يعيشون فعلياً في المرحلة الخامسة – أي حالة مجاعة كارثية. كما يعاني 925 ألفاً (44%) من حالة طوارئ غذائية، في حين يواجه الباقون أزمة غذائية حادة.
وكشفت البيانات الأممية أن نحو 470 ألف شخص يعانون حالياً من مجاعة فعلية، ويحتاج 71 ألف طفل، و17 ألف أم إلى علاج فوري من سوء التغذية الحاد، بينما تشير التقديرات إلى حاجة 60 ألف طفل إضافي للعلاج المباشر منذ بداية عام 2025.
كما توقّعت الوكالات استمرار تفاقم الوضع الغذائي بين شهري مايو وسبتمبر 2025، دون أي تحسّن مرتقب، مع بقاء السكان كافة في حالة أزمة غذائية أو أسوأ.
وأوضحت منظمة “الفاو” أن نحو 75% من أراضي غزة الزراعية دُمرت بسبب العمليات العسكرية منذ أكتوبر 2023، كما تضررت ثلثا آبار المياه الزراعية، ما أدى إلى انهيار شبه كامل في إنتاج الغذاء المحلي.
وعلى الرغم من توزيع أكثر من 2,100 طن من الأعلاف والمستلزمات البيطرية، إلا أن الإمدادات غير كافية، وتُقدّر المنظمة أن نحو 20 إلى 30% من الثروة الحيوانية معرضة للموت إذا استمر منع دخول المستلزمات البيطرية والرعاية.
وبحسب التقرير، هناك أكثر من 116 ألف طن من المساعدات الغذائية تقف على المعابر دون السماح بإدخالها، رغم أنها تكفي لإطعام نحو مليون شخص لمدة أربعة أشهر. وفي الوقت نفسه، نُفدت جميع مخزونات الغذاء في القطاع، وأُغلقت كافة المخابز المدعومة بسبب نفاد دقيق القمح ووقود الطهي منذ أواخر أبريل.
وأكدت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، أن “عائلات بأكملها تتضور جوعاً، بينما تقف المساعدات عند الأبواب”، مضيفة: “المجاعة لا تأتي فجأة… إنها تُصنع عندما يُمنع الناس من الحصول على الغذاء والرعاية”.
فيما شددت كاثرين راسل مديرة “اليونيسف” على أن الجوع وسوء التغذية “أصبحا واقعاً يومياً لأطفال غزة”، داعية إلى تحرّك دولي فوري لمنع كارثة أكبر.
وأكدت الوكالات الأممية أن استمرار منع دخول المساعدات يُعدّ انتهاكاً مباشراً للقانون الدولي الإنساني، لا سيما اتفاقيات جنيف التي تُلزم أطراف النزاع بتأمين المساعدات الإنسانية للمدنيين، وتحظر استخدام التجويع كسلاح في الحرب.
وفقاً لتعريف “المجاعة” في القانون الدولي، فإن التجويع المتعمّد للسكان المدنيين يُعدّ جريمة حرب، بل ويُمكن تصنيفه ضمن جرائم الإبادة الجماعية إذا رافقه حرمان ممنهج من سبل الحياة الأساسية، وهو ما تؤكده مؤشرات التقرير الأممي.