تدخل الناشطة السعودية أماني الزين عامها السادس في سجون المملكة، على خلفية تعبيرها عن رأيها في مقطع مصور انتقدت فيه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، دون أن تُعرض على محاكمة علنية أو تتمكن من ممارسة حقها في الدفاع القانوني.
واعتقلت الزين وأخفيت قسريا منذ مايو/أيار 2020، عقب ظهورها في محادثة مرئية مع الناشط المصري وائل غنيم، استخدمت خلالها تعبيراً رمزياً يحمل دلالة سياسية مباشرة، حين وصفت ولي العهد بـ”أبو منشار”، في إشارة إلى مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول عام 2018، وهي القضية التي أثارت ضجة دولية وُجّهت فيها اتهامات صريحة للنظام السعودي.
ومنذ لحظة اعتقالها؛ تعيش أماني الزين في ظروف توصف بأنها حالة اختفاء قسري متواصلة، إذ لم تُعرض على القضاء علناً، ولا يُسمح لعائلتها أو محاميها بالتواصل المنتظم معها، في انتهاك مباشر لحقوق المعتقلين السياسيين، ولقواعد الأمم المتحدة النموذجية لمعاملة السجناء.
ولا تمثل قضية الزين حالة فردية، فهي جزء من نمط أوسع من القمع المنهجي للحريات العامة وحرية التعبير في السعودية، حيث أصبح التعبير السلمي عن الرأي، سواء في الفضاء الإلكتروني أو في المجال العام، جريمة تُقابل بالسجن أو إسكات الصوت بالنفي والتخويف.
وتُظهر القضية كيف أن السلطات السعودية لا تكتفي باعتقال الناشطين فقط، بل تتجاوز ذلك إلى الضغط على أسرهم، وفرض قيود على محيطهم الاجتماعي، ومنعهم من أي تواصل أو تضامن، في محاولة لعزل المعتقلين تماماً، وتجفيف منابع الدعم حولهم.
وينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية – الذي تُعد السعودية طرفاً موقعاً عليه – على أن لكل شخص الحق في حرية التعبير، بما يشمل حرية البحث عن المعلومات وتلقيها ونقلها بأية وسيلة، دونما اعتبار للحدود. كما تنص المعايير الدولية لحقوق الإنسان على أن الاحتجاز المطول دون تهمة أو محاكمة عادلة يُعد شكلاً من أشكال التعذيب النفسي، وانتهاكاً صارخاً لمبدأ العدالة.
وبحسب الممارسات الموثقة؛ فإن حرمان المعتقلين من الاتصال بأسرهم ومحاميهم، واحتجازهم في أماكن غير معلومة، يدخل ضمن تعريف الاختفاء القسري، وهو جريمة بموجب القانون الدولي، ولا تسقط بالتقادم.
وتسلط قضية أماني الزين الضوء مجدداً على واقع الحريات في السعودية، الذي بات يتجه نحو الإغلاق الكامل لأي مساحة للتعبير المستقل أو النقد، وإن استمرار اعتقالها حتى اليوم، دون محاكمة عادلة، ودون أدنى احترام للمعايير القانونية، يُمثّل اختباراً صارخاً لالتزام المملكة بالمواثيق الدولية.
وفي ظل هذا الواقع؛ تتزايد المطالب بالإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي، ووقف سياسة العقاب الجماعي التي تشمل الأفراد ومحيطهم، وضمان الحق الأساسي في التعبير دون خوف أو ملاحقة. فحرية الرأي ليست ترفاً سياسياً، بل حق إنساني لا يُساوم عليه.