في تطور جديد يعكس عمق المأساة التي يعيشها المدنيون في قطاع غزة؛ أصدرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” بيانًا مساء أمس عبّرت فيه عن قلقها البالغ إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية في القطاع المحاصر، مشيرة إلى أن “اليأس بلغ ذروته” في ظل الحصار المشدد الذي تفرضه سلطات الاحتلال منذ الثاني من آذار/مارس الماضي.
وأشار البيان، الذي نُشر عبر منصة “إكس”، إلى الكارثة المتصاعدة التي تواجه سكان القطاع، مؤكداً أن الحصار الإسرائيلي المستمر والتجويع الممنهج والسياسات التهجيرية والقصف المتواصل كلها تدفع السكان نحو الهاوية.
وأوضح أن العائلات في غزة تبحث اليوم عن الطعام والماء والدواء، بينما يُجبر الآلاف على الهروب من منازلهم التي لم تعد آمنة، ولا تتوفر لهم أماكن بديلة تلبي الحد الأدنى من مقومات الحياة.
وأدى الحصار المفروض منذ أكثر من شهرين على قطاع غزة؛ إلى شلل كامل في حركة إدخال المساعدات، حيث تقف قوافل الإغاثة عاجزة عند المعابر المغلقة، فيما يستمر الاحتلال في استخدام سلاح الجوع كسلاح قمع وإبادة بطيئة، لتكون النتيجة كانت واضحة على الأرض: مجاعة متفاقمة، ووفاة عدد متزايد من المدنيين، بينهم أطفال ورضّع، بسبب الجوع وسوء التغذية، وسط انهيار شبه كامل للنظام الصحي ونفاد الإمدادات الطبية.
إن السياسات التي ينتهجها الاحتلال لا تندرج فقط تحت وصف “جرائم حرب”، بل تتجاوز ذلك إلى كونها فعلًا من أفعال الإبادة الجماعية. فبحسب القانون الدولي، وتحديدًا اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، فإن أي سلوك يستهدف خلق ظروف حياة تؤدي إلى التدمير الجزئي أو الكلي لجماعة بشرية، سواء عبر القتل أو التجويع أو التهجير أو الإضرار الجسدي أو النفسي، يُعد إبادة جماعية، وهو تمامًا ما تشهده غزة اليوم.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قُتل أكثر من 53 ألف مدني في غزة، غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال، فيما تجاوز عدد المصابين الـ120 ألفا، بينما آلاف الجثث لا تزال تحت الأنقاض، ولا تستطيع فرق الإنقاذ الوصول إليها بسبب القصف المستمر وانعدام الإمكانيات.
إن صمت العالم تجاه ما يجري في غزة، والتقاعس الدولي، وتحويل القضية إلى مجرد أرقام في نشرات الأخبار، هو تواطؤ مع الإبادة. ومع كل يوم يمرّ، تصبح المطالبة بفتح المعابر، وإدخال المساعدات، ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، ليست مجرد واجب أخلاقي، بل ضرورة قانونية وإنسانية عاجلة.