واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي حملة الاعتقالات الواسعة في الضفة الغربية، حيث اعتقل منذ مساء الأربعاء وحتى صباح الخميس 25 مواطناً فلسطينياً، بينهم 6 من الأسرى المحررين في صفقة التبادل الأخيرة التي جرت بين غزة والاحتلال في وقت سابق من هذا العام.
وشملت الاعتقالات خمسة مواطنين من محافظة قلقيلية، ومواطناً آخر من رام الله، إلى جانب آخرين من مختلف مناطق الضفة. وقد جرى اعتقال عدد من هؤلاء المحررين رغم الإفراج عنهم وفق اتفاق رسمي، في خرق واضح لروح الاتفاق ومضامينه، وتأكيد على سياسة الاحتلال المستمرة في ملاحقة الفلسطينيين حتى بعد تحررهم من السجون.
ويعكس هذا التصعيد سياسة انتقامية منهجية، تستهدف كسر إرادة المعتقلين المحررين وإعادة إنتاج حالة من القهر الجماعي، في تجاهل فاضح للضمانات المفترضة في مثل هذه الاتفاقيات.
كما تشكّل الاعتقالات المتكررة خرقاً لمبدأ عدم جواز الاعتقال التعسفي، وتتنافى مع القواعد الدنيا لمعاملة الأسرى، وتؤكد على الطابع القمعي المستمر لمنظومة الاحتلال الأمنية والقضائية.
وفي السياق ذاته، تواصل قوات الاحتلال عدوانها العسكري واسع النطاق على محافظتي جنين وطولكرم شمال الضفة الغربية منذ 21 كانون الثاني/يناير الماضي، حيث رافق ذلك عمليات دهم وتحقيقات ميدانية واعتقالات متواصلة، أسفرت حتى الآن عن تسجيل أكثر من ألف حالة اعتقال في هاتين المحافظتين فقط، بين من لا يزالون في الاحتجاز ومن تم الإفراج عنهم لاحقاً.
وتأتي هذه التطورات في ظل واقع حقوقي كارثي تعيشه الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تشن قوات الاحتلال حرب إبادة ممنهجة ضد المدنيين في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، أدّت حتى الآن إلى سقوط أكثر من 175 ألف قتيل وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين الذين يعانون أوضاعاً إنسانية كارثية في ظل الحصار الكامل.
وفي موازاة المجازر المتواصلة في غزة؛ صعّد الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون من اعتداءاتهم على سكان الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، عبر الإعدامات الميدانية، والمداهمات الليلية، واقتحام البلدات والمخيمات، مما أسفر عن مقتل أكثر من 969 فلسطينياً، وإصابة ما لا يقل عن سبعة آلاف آخرين، بحسب تقديرات فلسطينية.
ويعكس هذا التصعيد المتزامن بين غزة والضفة اتجاهاً واضحاً لتوسيع نطاق الانتهاكات، وتحويل الأرض الفلسطينية إلى مسرح مفتوح للبطش الممنهج، في ظل إفلات تام من العقاب، وصمت دولي مستمر، ما يشجع سلطات الاحتلال على التمادي في سياساتها القائمة على الإخضاع الجماعي، والتطهير العرقي، والإبادة البطيئة.