تتواصل المعاناة الإنسانية في قطاع غزة بشكل غير مسبوق، في ظل الحصار المشدد والإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي، والتي يتعرض لها أكثر من 2.4 مليون فلسطيني منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وفي هذا السياق؛ وصف المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، حجم المساعدات الإنسانية التي تصل إلى القطاع المحاصر بأنها “إبرة في كومة قش”، في إشارة إلى انعدام الفاعلية أمام حجم الحاجة الماسة والكارثة المتفاقمة.
وأكد لازاريني في منشور عبر منصة “إكس” أن الفلسطينيين في غزة يعانون من الجوع والحرمان من أساسيات الحياة منذ أكثر من أحد عشر أسبوعاً، بسبب استمرار إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات من قبل الاحتلال.
وما تزال المعابر التي تعتبر شرايين الحياة لأي منطقة محاصرة، مغلقة بوجه آلاف الأطنان من الإمدادات الإغاثية، وسط تأكيدات أممية أن ما يدخل القطاع لا يوازي الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية.
ووفق تصريحات لازاريني، فإن الحد الأدنى المطلوب لتخفيف الأزمة هو تدفق ما بين 500 إلى 600 شاحنة مساعدات يومياً، تديرها الأمم المتحدة، وهو رقم لم يتحقق منذ بداية الحصار الأخير في مارس/ آذار الماضي.
وتأتي هذه السياسات التي تشمل تجويع المدنيين وحرمانهم من الغذاء والدواء والماء، في في سياق حرب شاملة لا تفرّق بين الأهداف العسكرية والمدنية، وقد استهدفت المستشفيات والمدارس ومخيمات الإيواء، فضلاً عن قوافل الإغاثة.
ويُعد استخدام التجويع كوسيلة للضغط أو كأداة من أدوات الحرب ، انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، ويرقى إلى مستوى جريمة حرب، بل جريمة إبادة جماعية عندما يُمارس بنية التدمير الجزئي أو الكلي لمجموعة قومية أو عرقية.
وقد تسببت الحرب في مقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين، غالبيتهم من النساء والأطفال، وخلّفت أكثر من 176 ألفاً بين قتيل وجريح، فيما لا يزال أكثر من 11 ألفاً في عداد المفقودين، في ظل تدمير ممنهج للبنية التحتية، بما في ذلك المرافق الطبية والطرق والمساكن.
ومع تفاقم هذه الكارثة؛ باتت الاستجابة الدولية لا توازي حجم الجريمة المرتكبة، حيث إن استمرار منع المساعدات، إلى جانب استهداف العاملين في الإغاثة ومرافق الأمم المتحدة، يكشف عن استهتار ممنهج بالقانون الإنساني، وبالحد الأدنى من المبادئ الأخلاقية التي تحكم الحروب والنزاعات.
إن قطاع غزة اليوم أمام كارثة إنسانية مركبة: حرب إبادة، تجويع قسري، نزوح جماعي، وحرمان ممنهج من الرعاية الصحية. وكل لحظة تأخير في وقف إطلاق النار وتوفير ممرات إنسانية آمنة تعني مزيداً من القتلى ومزيداً من الانهيار في نسيج الحياة.