في خطوة جديدة ضمن سياسة ممنهجة تستهدف الحريات الإعلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ استدعت مخابرات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، الصحفيين المقدسيين روز الزرو وأحمد جلاجل، للتحقيق أثناء تغطيتهما الميدانية في محيط البلدة القديمة من القدس المحتلة.
وذكرت محافظة القدس أن قوات الاحتلال أوقفت الصحفيين خلال عملهما في منطقة باب العامود، قبل أن تستدعيهما إلى ما تُعرف بـ”غرف 4″ في مركز تحقيق المسكوبية، أحد أكثر مراكز التحقيق شهرة بسوء المعاملة والتعذيب النفسي والجسدي.
ويأتي هذا الاستدعاء ضمن تصاعد حملات الاستهداف التي تطال الصحفيين الفلسطينيين، لا سيما في القدس، حيث تسعى سلطات الاحتلال إلى إخراس الأصوات التي توثق الانتهاكات اليومية ضد السكان المقدسيين، وتغطي سياسات التهجير والاعتقال والاعتداءات المتكررة على المقدسات الإسلامية والمسيحية.
ويمثل استهداف الصحفيين جزءاً من سياسة واضحة تتبعها سلطات الاحتلال لإسكات التغطية الحرة وتقييد الحق في المعرفة. فالصحافة الحرة، التي تشكل أحد أعمدة أي مجتمع حر، تُعامل في فلسطين كجريمة، ويُعامل الصحفي كهدف أمني لا كمراقب محايد.
ويشكل تحويل العمل الصحفي إلى ساحة قمع وتحقيقات واعتقالات، انتهاكا صارخا للحقوق الأساسية المكفولة لكل إنسان، وعلى رأسها الحق في حرية التعبير وحرية الوصول إلى المعلومات، والحق في عدم التعرض للاعتقال التعسفي بسبب المهنة أو الرأي.
وتُعرف غرف التحقيق مثل “غرف 4” في المسكوبية، بأنها ذات السمعة السيئة، وهي ليست سوى أدوات في منظومة واسعة من القمع تستخدمها أجهزة الاحتلال لترهيب الصحفيين والنشطاء وكل من يفضح الممارسات الاستعمارية والتمييزية ضد الفلسطينيين، خصوصاً في القدس التي تسعى سلطات الاحتلال إلى تفريغها ديموغرافياً وثقافياً.
إن ما يتعرض له الصحفيون في القدس وغيرها من المناطق الفلسطينية ليس فقط تعدياً على أفراد، بل هو عدوان على الحقيقة ذاتها. في مواجهة آلة التضليل والتعتيم، يدفع الصحفي الفلسطيني ثمن التمسك برسالته، ويُلاحق لأنه يسلّط الضوء على ما يُراد له أن يبقى في الظل.
وإن استمرار هذا النمط من الاستهداف يؤكد أن الاحتلال لا يكتفي بمصادرة الأرض، بل يسعى أيضاً لمصادرة السردية، وطمس الرواية الفلسطينية من الذاكرة والتاريخ. وعلى منابر الإعلام والمجتمعات الحرة أن ترفض الصمت أمام هذه الانتهاكات، وأن تدافع عن الكلمة كما تُدافع عن الإنسان، فحرية الصحافة ليست ترفاً، بل حجر الزاوية لأي عدالة حقيقية.