لا تزال حرب الإبادة الجماعية التي يشنّها الاحتلال الإسرائيلي على سكان قطاع غزة مستمرة دون هوادة، حيث قتل صباح الخميس 19 فلسطينياً بينهم 16 مدنياً كانوا ينتظرون الحصول على مساعدات إنسانية وسط القطاع، في ظل حصار خانق وظروف معيشية كارثية.
وبحسب مصادر طبية؛ فإن مستشفيي “العودة” و”شهداء الأقصى” استقبلا جثامين 16 قتيلاً وعشرات الجرحى، سقطوا نتيجة إطلاق نار مباشر وقنابل ألقتها قوات الاحتلال باتجاه حشود من الفلسطينيين كانوا يتجمعون قرب محور نتساريم، بانتظار توزيع مساعدات.
وأكد شهود عيان أن القوات المتمركزة في تلك المنطقة أطلقت نيران رشاشاتها بكثافة نحو مئات الشبان، وأتبعتها مسيّرات بإلقاء قنابل متفجرة، ما أسفر عن عدد كبير من القتلى والمصابين الذين تُركوا لساعات دون إسعاف، بسبب خطورة المكان وشدة القصف.
ويأتي هذا الاعتداء ضمن سلسلة طويلة من الهجمات التي تستهدف المدنيين، وخصوصاً الفئات الأشد ضعفاً، في سياق ما يمكن وصفه بوضوح بأنه حملة منظمة للقتل والتجويع والإذلال الجماعي، تهدف إلى تفريغ القطاع من سكانه وفرض وقائع ديمغرافية جديدة بالقوة.
وفي السياق ذاته، أبلغ مصدر طبي عن مقتل ثلاثة فلسطينيين آخرين وإصابة عدد غير محدد، جراء قصف مروحي استهدف شقة سكنية قرب مسجد فلسطين وسط مدينة غزة.
وتجدر الإشارة إلى أن الاحتلال بدأ، منذ السابع من مايو، تنفيذ خطة لتوزيع مساعدات عبر جهة تُدعى “مؤسسة غزة الإنسانية”، مدعومة من الاحتلال والإدارة الأمريكية، دون إشراف أممي أو دولي، في مخالفة واضحة للمعايير الإنسانية، ووسط اتهامات باستخدام المساعدات كوسيلة استدراج واستهداف. وقد أفضت هذه الخطة، بحسب معطيات محلية، إلى مقتل أكثر من 300 فلسطيني وإصابة الآلاف.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، يُخضع الاحتلال سكان غزة لسياسة شاملة تقوم على التجويع، والترويع، والتدمير الممنهج للبنية التحتية والمجتمعية، إضافة إلى القصف العشوائي والقتل المتعمد للمدنيين، في انتهاك صارخ لقواعد القانون الدولي الإنساني.
وتتقاطع هذه السياسات بوضوح مع المعايير القانونية لتعريف جريمة الإبادة الجماعية، التي لا تقتصر على القتل فقط، بل تشمل الأفعال الهادفة إلى التدمير الكلي أو الجزئي لشعبٍ ما، بما في ذلك فرض ظروف معيشية تؤدي إلى هلاك جماعي.
وأسفرت حرب الإبادة حتى الآن عن أكثر من 185 ألف قتيل وجريح فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، فيما يظل الآلاف في عداد المفقودين تحت الركام أو في المجهول، في ظل غياب أي حماية دولية فعّالة، وغياب المحاسبة.
إن ما يجري في غزة لم يعد مجرد نزاع، بل جريمة إبادة جماعية موصوفة، تُرتكب أمام مرأى العالم، وتتطلب تحركاً عاجلاً يتجاوز الإدانات اللفظية إلى إجراءات فورية توقف هذه المذبحة الجماعية.