قُتل 34 مدنياً وأُصيب آخرون، فجر وصباح اليوم الجمعة، جراء مجزرتين جديدتين نفذتهما قوات الاحتلال الإسرائيلي وسط قطاع غزة، في تصعيد دموي مستمر منذ أكثر من ثمانية أشهر.
وقد أفاد مستشفى العودة في مخيم النصيرات بانتشال جثث 23 قتيلاً، بينهم نساء وأطفال، عقب استهداف الاحتلال تجمعاً لمدنيين كانوا ينتظرون مساعدات غذائية بالقرب من “مفترق الشهداء” شمال المخيم. وشهد المكان دماراً واسعاً وسقوط عشرات الجرحى، في مشهد بات يتكرر بشكل شبه يومي في مناطق متفرقة من القطاع.
وفي مجزرة أخرى؛ قصفت طائرات الاحتلال منزلاً مأهولاً في منطقة المعسكر غرب مدينة دير البلح، ما أسفر عن مقتل 11 شخصاً على الأقل وإصابة آخرين، تم نقلهم إلى مستشفى شهداء الأقصى. وبينما كانت الطواقم الطبية تحاول الوصول إلى الضحايا، تعرضت المنطقة لتهديدات مستمرة من الطيران الحربي، ما أعاق جهود الإنقاذ.
ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، تشن قوات الاحتلال حرب إبادة جماعية على قطاع غزة، أسفرت حتى الآن عن مقتل وإصابة أكثر من 186 ألف فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى فقدان أكثر من 11 ألف شخص، معظمهم تحت الأنقاض أو في عداد المفقودين قسراً.
ويتجاوز الواقع في غزة حدود الكارثة الإنسانية، ليبلغ مستوى جريمة الإبادة الجماعية، حيث يعتمد الاحتلال على استراتيجية ممنهجة تستهدف البنية السكانية والمدنية للقطاع، من خلال القصف المكثف، التجويع الجماعي، تدمير المنشآت الصحية والتعليمية، وفرض ظروف معيشية قاتلة تهدف إلى تقويض الوجود المدني للسكان.
ولا تقتصر هذه الأفعال على السلوك العسكري فحسب، بل تمثل خرقاً فادحاً لأبسط قواعد القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين، ومبدأ التناسب، وتحريم استخدام التجويع كوسيلة من وسائل الحرب.
كما أن استمرار هذه الانتهاكات، رغم صدور أوامر قضائية دولية بوقفها، يكرّس سياسة الإفلات من العقاب ويكشف فشل النظام الدولي في حماية المدنيين من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
وفي ظل استمرار الحصار والتدمير والقتل واسع النطاق، يجد سكان غزة أنفسهم في مواجهة آلة عسكرية تسعى، بوسائل ممنهجة، إلى إنهاء وجودهم المادي والمعنوي، في ظل صمت دولي متواطئ وعجز أممي عن وقف النزيف.