في استمرار لسياسة الاعتقالات الجماعية التي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق سكان الضفة الغربية؛ شهدت محافظة الخليل فجر اليوم السبت حملة مداهمات عنيفة أسفرت عن اعتقال 16 مواطنا فلسطينيا، رافقتها انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، طالت الأفراد والممتلكات على حد سواء.
واقتحمت القوات الإسرائيلية عدداً من القرى والبلدات في المحافظة، أبرزها بلدة دورا وبيت عوا وحلحول، حيث جرى اعتقال المواطنين بعد مداهمة منازلهم وتفتيشها بطريقة همجية، شملت العبث بمحتوياتها وتخريب الممتلكات الخاصة، وسط حالة من الترهيب والضرب الذي طال بعض المعتقلين أمام عائلاتهم، بما في ذلك كبار السن والأطفال.
وفي بلدة دورا جنوب غرب الخليل؛ اقتحمت قوات الاحتلال حي الناموس الفوقا، واعتقلت المواطن جهاد الصبار ونجليه فيصل وفادي، وصادرت مواد زراعية وأسمدة من مشتلهما الخاص، ما يشكل استهدافاً مباشراً لسبل العيش ومصدر الرزق.
كما شنت قوات الاحتلال مداهمات في خربة اسكاك، واعتقلت تسعة أفراد من عائلة واحدة، بينهم أشقاء وأبناء عمومة، في مشهد يعكس النمط المتكرر للاعتقالات الجماعية ذات الطابع الانتقامي.
وفي بلدة بيت عوا؛ طالت الاعتقالات المواطنين عثمان وبلال مسالمة، بينما اعتقل المواطنان رضا الواوي وراسم هرماس من حلحول شمال الخليل، دون توجيه تهم واضحة أو أوامر اعتقال قانونية، في انتهاك واضح لحق الأفراد في الحرية والأمان الشخصي.
وترافقت عمليات الاعتقال مع اعتداءات جسدية بحق بعض المعتقلين، إذ تعرضوا للضرب المبرح والإهانات اللفظية خلال مداهمة المنازل، ما يشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق المحتجزين التي تضمنها المواثيق الدولية، لا سيما اتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وإضافة إلى الاعتقالات؛ فرضت قوات الاحتلال طوقاً أمنياً مشدداً على مناطق عدة في الخليل، عبر نصب حواجز عسكرية على مداخل البلدات والمخيمات، وإغلاق الطرق بالبوابات الحديدية والمكعبات الإسمنتية والسواتر الترابية، ما يعمّق من معاناة السكان ويقيّد حرية الحركة والتنقل، خاصة للطلبة والمرضى والعمال.
وتأتي هذه الحملة ضمن سياق أوسع من الإجراءات العقابية التي تستهدف المدنيين الفلسطينيين تحت ذريعة الأمن، بينما تؤكد الوقائع على الأرض أنها تمثل سياسة ممنهجة لإخضاع السكان، وفرض واقع أمني خانق يتعارض مع أبسط الحقوق المكفولة دولياً.
ويعكس الواقع في الخليل حالة من الإفلات التام من المساءلة، حيث لا يُحاسب الجنود أو الضباط المسؤولون عن هذه الانتهاكات، بينما تستمر المعاناة اليومية للأهالي في ظل غياب الحماية الدولية الحقيقية.