في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة؛ أطلقت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” تحذيراً بالغ الخطورة من تهديد حقيقي بالموت عطشاً يواجه الفلسطينيين في القطاع المحاصر، نتيجة الانهيار شبه الكامل لأنظمة تزويد المياه، جراء القصف الإسرائيلي الممنهج للبنية التحتية، ومنع إدخال الوقود منذ مارس/آذار الماضي.
وبحسب بيان للوكالة الأممية؛ فإن العائلات الفلسطينية في جميع أنحاء غزة “باتت مهددة بالموت عطشاً”، حيث لم يتبق من مرافق إنتاج مياه الشرب سوى 40 بالمئة فقط في الخدمة، وسط تدهور متسارع ينذر بكارثة مائية وإنسانية وشيكة. ووصفت الوكالة غزة بأنها “على حافة جفاف من صنع الإنسان”.
وتعكس هذه الأزمة جانباً من الأبعاد الأعمق للحرب على غزة، التي لم تقتصر على قتل المدنيين واستهداف المساكن والمرافق الصحية والتعليمية، بل امتدت لتشمل مقومات الحياة الأساسية، وفي مقدمتها الماء.
إن منع الاحتلال دخول الوقود لأكثر من 100 يوم، وتكرار استهداف منشآت المياه، يمثلان سياسة واضحة لتجفيف القطاع وتعطيشه، بما يتجاوز الأهداف العسكرية إلى فرض شروط مميتة للحياة والبقاء.
وتُظهر مشاهد الحياة اليومية أن الوصول إلى المياه بات معركة بحد ذاتها. فآبار المياه خرجت عن الخدمة إما بسبب نفاد الوقود أو وقوعها في مناطق خطرة بفعل القصف يصعب الوصول إليها، عدا عن أن خطوط أنابيب رئيسية تهالكت أو تحطمت نتيجة الهجمات، وصهاريج المياه التي كانت تشكّل بديلاً مؤقتاً عاجزة اليوم عن تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات، في ظل صعوبة الحركة والاستهداف المباشر لها.
إن ما يحدث في غزة ليس مجرد أزمة إنسانية، بل هو نمط ممنهج من التدمير المقصود للبنى التحتية المدنية، يهدف إلى تقويض شروط الحياة الكريمة، بل الحياة ذاتها، وإن حرمان أكثر من مليوني فلسطيني من الماء، في سياق حرب شاملة تشمل التجويع والقتل والنزوح القسري، يتسق مع تعريفات القانون الدولي لمفهوم الإبادة الجماعية، الذي يشمل “إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي المتعمد بجماعة بهدف تدميرها كلياً أو جزئياً”.