توفي الشاب الفلسطيني لؤي فيصل محمد نصر الله (22 عاماً) من محافظة جنين، داخل مستشفى “سوروكا” الإسرائيلي، بعد نقله بشكل مفاجئ من سجن النقب الصحراوي، حيث كان محتجزاً رهن الاعتقال الإداري منذ 26 مارس/آذار 2024.
ولم تُعلَن حتى الآن أي تفاصيل عن ظروف وفاته، في ظل تعتيم كامل تمارسه سلطات الاحتلال بشأن حالته الصحية والملابسات التي سبقت نقله إلى المستشفى.
وبحسب إفادات عائلته، لم يكن نصر الله يعاني من أية أمراض معروفة قبل اعتقاله، مما يعزز من الشكوك حول تعرضه لسوء المعاملة أو الإهمال الطبي خلال فترة احتجازه، وهي ممارسات باتت تتكرر بشكل ممنهج داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، في وقت تتزايد فيه حالات الوفاة الغامضة بين صفوف المعتقلين الفلسطينيين.
وتضاف وفاة نصر الله إلى قائمة طويلة من ضحايا السجون الإسرائيلية، حيث ارتفع عدد المعتقلين الذين فارقوا الحياة منذ بداية العدوان الإسرائيلي الأخير إلى 73 حالة موثقة بالاسم، في حين لا تزال هناك حالات أخرى لم يُكشف عنها نتيجة استمرار جريمة الإخفاء القسري. ومنذ عام 1967، بلغ عدد وفيات الأسرى الفلسطينيين الموثّقة 310.
وتمثل هذه الحادثة مثالاً صارخاً على الانتهاكات المنظمة التي يتعرض لها المعتقلون الفلسطينيون، بدءاً من سياسة الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة، مروراً بالتعذيب والإهمال الطبي، وفرض ظروف احتجاز قاسية، وصولاً إلى التجويع والحرمان من الرعاية الأساسية، وهي انتهاكات تشكل خرقاً سافراً للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، خاصة الثالثة والرابعة.
ويُعد سجن النقب، حيث احتُجز نصر الله، من أبرز السجون التي سُجلت فيها انتهاكات صحية ومعيشية جسيمة، خاصة بعد تفشي مرض الجرب (السكايبيس) بين المعتقلين، وسط اتهامات باستخدام المرض كأداة عقاب جماعي عبر التراخي في تقديم العلاج أو منعه عمداً.
وتعكس وفاة نصر الله سياسة متكاملة تهدف إلى إنهاك الأسرى جسدياً ونفسياً، وتندرج ضمن منظومة اضطهاد تمارسها سلطات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني عامة، والمعتقلين منهم على وجه الخصوص، إذ تشير المعطيات إلى أن كثيراً من حالات الوفاة داخل السجون هي نتيجة مباشرة أو غير مباشرة لسوء المعاملة، ما يرقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
إن وفاة لؤي نصر الله، الذي دخل السجن شاباً معافى وخرج منه جثة بلا صوت، تشكل ناقوس خطر جديد أمام المجتمع الدولي، يؤكد أن ما يجري في السجون الإسرائيلية ليس مجرد إهمال أو خلل إداري، بل سياسة مُمَنهجة تُمارس بصمت، في ظل صمت عالمي لا يقل فداحة.