قُتل 27 مدنياً على الأقل وأُصيب آخرون، اليوم الثلاثاء، في سلسلة غارات عنيفة شنّها الاحتلال الإسرائيلي على مناطق متفرقة في قطاع غزة، في تصعيد جديد ضمن سياق الحرب المستمرة التي تستهدف الوجود الفلسطيني برمّته، في ظل أزمة إنسانية خانقة ونقص كارثي في الموارد الطبية والإغاثية.
ووفقاً لمصادر طبية من داخل القطاع، فإنّ القصف طال أحياء سكنية ومناطق مكتظة بالمدنيين، وخلّف دماراً واسعاً في المباني والمنازل، في وقت تواصل فيه طواقم الإسعاف والدفاع المدني جهودها لانتشال الضحايا من تحت الركام وسط إمكانيات شبه معدومة.
ومن بين القتلى سبعة مدنيين قُتلوا برصاص الاحتلال أثناء انتظارهم لتلقي مساعدات غذائية وسط قطاع غزة، في مشهد يلخّص بوضوح استخدام التجويع كأداة من أدوات القتل الجماعي، وإصرار سلطات الاحتلال على استهداف المدنيين حتى في لحظات بحثهم عن أبسط مقومات البقاء.
وفي حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، أوقع القصف قتيلًا وعددًا من الجرحى، فيما أُعلن عن مقتل مدني آخر في قصف استهدف وسط مدينة خان يونس.
كما قامت قوات الاحتلال بنسف مربع سكني كامل في بلدة القرارة شمال شرق خان يونس، ما تسبب بتشريد عشرات العائلات ودمار هائل طال البنية التحتية والمساكن.
وتتواصل الهجمات في مدينة غزة، حيث كثّف الاحتلال قصفه المدفعي بالتوازي مع إطلاق نار من آلياته المنتشرة شرق المدينة، كما طال القصف شارع السكة في حي الزيتون، أحد الشوارع المكتظة بالبيوت ومرافق الحياة المدنية.
وفي جريمة جديدة؛ استهدفت طائرة مسيّرة للاحتلال مجموعة من المدنيين قرب نقطة توزيع مساعدات إنسانية في شارع الطينة جنوب خان يونس، ما أسفر عن وقوع إصابات مباشرة في صفوف أناس كانوا ينتظرون الحصول على طعام أو ماء في ظل الحصار الخانق.
ويتشكل بوضوح أن ما يحدث في قطاع غزة حرب إبادة جماعية ممنهجة، تُستخدم فيها كافة الوسائل الممكنة لسحق المجتمع الفلسطيني، سواء عبر القتل المباشر بالقصف أو عبر التدمير الشامل للبنية التحتية، أو التجويع، أو قطع الخدمات، أو استهداف نقاط توزيع الإغاثة، أو منع وصول المساعدات.
إن الاستهداف المتكرر للمدنيين، بما فيهم الأطفال والنساء والمرضى، واستهداف أماكن التجمعات والمنازل، وحرمان الناس من المأوى والماء والعلاج، تشكل مجتمعة نمطاً ثابتاً ومتعمداً من الانتهاكات الجسيمة، ينتهك مبادئ القانون الدولي الإنساني، وعلى رأسها مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين، ومبدأ التناسب، وحظر العقوبات الجماعية.
وفي ظل انعدام المساءلة الدولية الفعّالة، يستمر الاحتلال في ارتكاب هذه الجرائم بلا رادع، في وضع باتت فيه الحصانة السياسية والدبلوماسية غطاءً مفتوحاً لاستمرار القتل والتجريف والدمار.