ارتفع عدد القتلى في قطاع غزة إلى 37 منذ فجر اليوم، جرّاء قصف متواصل نفّذته طائرات الاحتلال الإسرائيلي على مناطق متفرقة من القطاع، ضمن ما أصبح يشكّل نمطاً ثابتاً من الاستهداف العشوائي والممنهج للمدنيين، في سياق حرب إبادة جماعية متواصلة منذ أكثر من تسعة أشهر.
وتوزّعت الهجمات الجوية اليوم على أماكن تكتظ بالنازحين والمدنيين، وأوقعت عشرات القتلى والجرحى، أغلبهم من النساء والأطفال، ما يؤكد مجددًا أن القوة القائمة بالاحتلال تمضي في تنفيذ سياسة التدمير الشامل للوجود الإنساني الفلسطيني في القطاع.
ففي مجزرة مروّعة وقعت جنوب غربي مدينة خان يونس، قُتل 20 مدنيًا أثناء انتظارهم المساعدات الإنسانية في شارع الطينة، في هجوم يعكس بوضوح سياسة العقاب الجماعي واستهداف الجائعين والمحرومين.
وفي مجزرة أخرى، قُتل شاب من مخيم المغازي إثر قصف مقهى شعبي على شاطئ الزوايدة وسط القطاع، وهي منطقة تؤوي آلاف النازحين.
كما قُتل أربعة آخرون، بينهم ثلاثة أطفال، بقصف خيمة نازحين قرب صالة الربيع في مخيم النصيرات، وامتد القصف لاحقًا إلى برج الصفا بالمخيم، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى إضافيين.
وفي مدينة غزة، استُهدف منزل لعائلة الحطاب في حي الصبرة، ما أدى إلى مقتل شخصين على الأقل. وتكرر المشهد في خان يونس، حيث استهدف القصف خيام النازحين خلف محطة العطار، ما أدى إلى مقتل اثنين.
كما قُتل طفل في السادسة من عمره قرب محطة طبريا في منطقة المواصي، في قصف دمّر خيامًا تؤوي نازحين من مناطق مدمرة.
وتواصل قوات الاحتلال عمليات تدمير ممنهجة للأحياء السكنية، حيث سُجّل اليوم نسف عدد من منازل حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، مع تصاعد كثيف للدخان في سماء المدينة.
ولا تمثل هذه الجرائم “انتهاكات عرضية” أو “أخطاء في الاستهداف”، بل تأتي في إطار سياسة متعمدة ومستمرة من القتل الجماعي المنهجي، تُنفّذ على مرأى من العالم ووسط صمت دولي مطبق، متجاهلة بشكل صارخ القواعد الأساسية للقانون الدولي الإنساني، وعلى رأسها مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين، وحظر العقاب الجماعي، وتجريم استهداف أماكن الإيواء والمرافق الإنسانية.
ومنذ بدء العدوان في 7 أكتوبر 2023، لم يكن هدف الاحتلال محصورًا بما يزعم أنه “ضرب بنى تحتية للمقاومة”، بل تعداه إلى تصفية مقومات الحياة المدنية بالكامل في القطاع، كالمنازل والمستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء وأسواق الغذاء، وحتى طوابير المساعدات.
وبحسب المعطيات الميدانية، قُتل حتى اليوم أكثر من 197 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، غالبيتهم من الأطفال والنساء، فيما لا يزال أكثر من 11 ألف شخص في عداد المفقودين تحت الأنقاض أو في مناطق محاصرة. وتواجه مئات آلاف العائلات حالة نزوح دائم، بلا مأوى ولا غذاء، في ظل مجاعة مستفحلة أودت بحياة عشرات الأطفال وأضعفت آلافًا آخرين، في ما يبدو أنه سلاح إضافي في معركة الإبادة.
إن استمرار هذا النمط من القتل الجماعي يشكل وصمة قانونية وأخلاقية على جبين العالم، ويُهدد بتحويل القانون الدولي الإنساني إلى نصوص بلا معنى، أمام سلاح لا يعترف بطفولة أو إنسانية، ولا يكترث بأوامر المحاكم ولا بنداءات الضمير.