أصيب عدد من النازحين الفلسطينيين، بينهم الكاهن جبرائيل رومانيللي، الخميس، إثر قصف نفذته قوات الاحتلال على كنيسة “العائلة المقدسة” التابعة لطائفة اللاتين في حي الزيتون شرقي مدينة غزة.
وبحسب روايات شهود عيان؛ فإن القصف استهدف بشكل مباشر محيط الكنيسة التي تأوي عشرات العائلات الفلسطينية النازحة، بينهم عدد من المسنين والنساء والأطفال، ممن لجؤوا إليها هربًا من جحيم القصف المتواصل على القطاع منذ أكثر من تسعة أشهر. وقد أُصيب الكاهن في قدمه، ونُقل إلى مستشفى المعمداني لتلقي العلاج.
ويأتي الهجوم الذي طال أحد أقدم الصروح الدينية المسيحية في غزة، في وقت تعاني فيه المدينة من انهيار شامل في المرافق الإنسانية، وسط حرب إبادة جماعية تشنها قوات الاحتلال، لم تستثنِ البشر ولا الحجر، ولا حتى دور العبادة.
وكنيسة “العائلة المقدسة” ليست مجرد موقع ديني، بل باتت خلال الحرب مركزًا للإيواء والنجاة لمئات الفلسطينيين، من مسيحيين ومسلمين على حد سواء. وقد عملت على مدار الشهور الماضية كملاذ آمن نسبيًا في ظل الدمار الهائل الذي طال الأحياء السكنية والمستشفيات والمؤسسات التعليمية.
ويُعد قصف هذا الملاذ جريمة مزدوجة، فهو استهداف مباشر لمدنيين محتمين في مكان عبادة، وانتهاك لحرمة المواقع الدينية التي تحظى بحماية قانونية خاصة في زمن النزاعات المسلحة. كما أن هذا الاعتداء يحمل دلالات رمزية بالغة، نظرًا لأهمية الكنيسة لدى المجتمع المسيحي المحلي، ولدورها كمؤسسة دينية وإنسانية وثقافية.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يقصف فيها الاحتلال كنيسة في غزة. فقد سبق أن دمرت غاراته أجزاء من كنيسة القديس برفيريوس، أقدم كنيسة في القطاع، وثالث أقدم كنيسة في العالم، ما أسفر عن مقتل عدد من المدنيين كانوا يحتمون داخلها. كما تضررت كنيسة المعمداني، التي تضم مرافق خدمية وملاجئ، خلال قصف سابق.
ولا يمكن تفسير استهداف الكنائس باعتباره “خطأ عرضيًا” كما يحاول الاحتلال تسويقه، بل يأتي ضمن سياق منهجي يستهدف البنية التحتية المدنية والدينية، ويفرغ قطاع غزة من معالمه الدينية والثقافية، في محاولة لطمس الهوية الجامعة للمجتمع الفلسطيني، بمسيحييه ومسلميه.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يشن الاحتلال حرب إبادة جماعية ضد قطاع غزة، شملت قتلًا منهجيًا، وتجويعًا متعمدًا، وتدميرًا شاملاً للبنى التحتية، وتهجيرًا قسريًا واسع النطاق. ولا تكاد تمر ساعة دون أن تُسجل إصابات وقتلى في صفوف المدنيين، فيما باتت المجاعة والأوبئة تفتك بالناجين.
وبلغ عدد القتلى والمصابين في غزة أكثر من 198 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى ما يزيد عن 10 آلاف مفقود، يُرجح أن الكثير منهم تحت الركام، بينما يُواجه مئات الآلاف خطر الموت جوعًا وعطشًا أو نتيجة غياب الرعاية الطبية، وسط دمار غير مسبوق طال المستشفيات والمدارس ودور العبادة ومخازن الأغذية.