في فصل جديد من فصول الإبادة الجماعية التي يتعرض لها سكان قطاع غزة، لفظت الطفلة رزان أبو زاهر (4 أعوام) أنفاسها الأخيرة، اليوم الأحد، في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح، متأثرة بمضاعفات سوء التغذية الحاد والجوع، لتُضاف إلى قائمة ضحايا الحصار والتجويع الذي يفرضه الاحتلال على أكثر من مليوني إنسان منذ أشهر طويلة.
وتمثل وفاة رزان شاهداً مريراً على انهيار شامل للوضع الإنساني والصحي في غزة، حيث تواجه المستشفيات مئات الحالات من مختلف الأعمار تعاني من إجهاد وجفاف وسوء تغذية متقدم، في ظل نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية وأجهزة الإنعاش وأسرة العلاج، وهو ما يُفضي إلى نتائج مميتة يوماً بعد يوم.
وبحسب مصادر طبية؛ فإن عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد في غزة يبلغ قرابة 17 ألف طفل، في حين يتلقى آخرون العلاج بعد ظهور أعراض غير اعتيادية نتيجة الجوع المطوّل، تشمل فقدان الذاكرة واضطرابات عصبية وإجهاد بدني لا يُحتمل.
وكشفت تقارير صحية في الأشهر الماضية عن تصاعد مرعب في معدلات سوء التغذية لدى الأطفال دون سن الخامسة، حيث تضاعفت النسب في الفترة ما بين آذار/مارس وحزيران/يونيو، بما يعكس مدى انهيار سبل الحياة الأساسية.
وأظهرت الفحوصات التي أُجريت لنحو 74 ألف طفل أن أكثر من 5,500 منهم يعانون من سوء تغذية حاد شامل، فيما تخطى عدد المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم 800 حالة، وجميعهم يواجهون خطر الموت دون تدخل عاجل.
ويمثل ما يحدث في غزة سياسة ممنهجة من التجويع والإبادة الجماعية، فالحصار الكامل على الغذاء والدواء، واستهداف منظّم للبنى التحتية الصحية، والتدمير المستمر للقدرة على توفير الرعاية الأساسية، لا يترك مجالاً للشك في أن ما يتعرض له سكان غزة، وأطفالهم على وجه الخصوص، هو شكل من أشكال القتل الجماعي البطيء، وخرق جسيم لكل القواعد القانونية والأخلاقية.
إن رزان وغيرها من الأطفال الذين يقتلون بالجوع، لم يكونوا ضحايا ظرف طبيعي أو مجاعة بيئية، بل ضحايا مباشرون لسياسة الاحتلال التي تستخدم الغذاء والدواء كسلاح حرب، وتفرض حصاراً شاملاً أدى إلى انهيار مقومات الحياة. والسكوت الدولي المستمر تجاه هذه الجرائم يُرسّخ ثقافة الإفلات من العقاب ويُشجّع على تكرار المجازر.