اتهمت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، سلطات الاحتلال بارتكاب جرائم ترتقي إلى مستوى الجرائم النازية، من خلال تعمدها تجويع السكان المدنيين في غزة وقتل الأطفال، في سياق حرب إبادة جماعية مستمرة منذ أكثر من تسعة أشهر.
وفي تعليق لها على مقتل فلسطيني معاق جوعاً في القطاع؛ قالت ألبانيز: “جيلنا تربّى على أن النازية كانت الشر الأعظم، وهي كذلك، وأن جرائم الاستعمار ما كان ينبغي أن تُنسى”، مضيفةً: “أما اليوم، فهناك دولة تُجوّع الملايين وتُطلق النار على الأطفال من أجل المتعة، تحت حماية الديمقراطيات والديكتاتوريات على حد سواء، وهذه هي هاوية الوحشية الجديدة”. وتساءلت: “كيف سننجو من هذا؟”.
وجاءت تصريحات ألبانيز بعد إعلان وفاة الفلسطيني محمد السوافيري، وهو من ذوي الإعاقة، متأثراً بسوء التغذية جراء سياسة التجويع المفروضة على القطاع منذ شهور، والتي تُعدّ أحد أوجه الحرب الشاملة التي يشنّها الاحتلال على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وفي وقت سابق، كشفت وزارة الصحة في غزة أن عدد القتلى جراء المجاعة وسوء التغذية ارتفع إلى 86 شخصاً، بينهم 76 طفلاً، منذ بدء الحصار الكامل في مارس/آذار الماضي، إثر إغلاق الاحتلال لجميع المعابر ومنع دخول المساعدات الغذائية والطبية.
وأفادت الوزارة بأن سياسة التجويع الممنهجة تمثل “مجزرة صامتة” بحق السكان، حيث تُستخدم المجاعة كأداة من أدوات القتل الجماعي، وهو ما يتنافى كلياً مع القانون الدولي الإنساني الذي يحظر استخدام الحصار والتجويع كوسيلة من وسائل الحرب، لا سيما ضد السكان المدنيين.
ولا يمكن عزل ما يجري في غزة عن إطار الحرب الشاملة التي يشنها الاحتلال على القطاع منذ 7 أكتوبر 2023، والتي تشمل القتل المباشر بالقصف والاستهداف، والتدمير المنهجي للبنية التحتية، والتهجير القسري الجماعي، وصولاً إلى استخدام التجويع كوسيلة للإبادة.
ورغم أن محكمة العدل الدولية كانت قد أمرت الاحتلال باتخاذ تدابير فورية لمنع الإبادة الجماعية، فإن الوقائع الميدانية تثبت تصعيداً ممنهجاً في العمليات العسكرية والإجراءات العقابية الجماعية بحق نحو 2.3 مليون إنسان محاصرين في شريط ضيق، يفتقر إلى الغذاء والدواء والمأوى الآمن.
وأسفرت هذه الحرب المتواصلة عن مقتل نحو 200 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى ما يزيد على 9 آلاف مفقود، يُعتقد أن كثيراً منهم تحت الأنقاض، إلى جانب تهجير مئات الآلاف من منازلهم، وسط انهيار كامل في النظام الصحي والخدمات الأساسية.
إن استمرار الصمت الدولي، وتواطؤ بعض القوى الكبرى، لا يغيّر من حقيقة ما يجري على الأرض: إبادة جماعية ترتكب على مرأى ومسمع العالم، وتضع البشرية جمعاء أمام امتحان أخلاقي وقانوني حاسم.