في واحدة من أبشع صور الحرب على المدنيين؛ تتوالى أخبار موت الأطفال جوعاً في قطاع غزة المحاصر، حيث يتحول الجوع إلى سلاح ممنهج يسلب أرواح الرضّع قبل أن تسنح لهم فرصة الحياة.
وتوفي صباح اليوم السبت الرضيع هود عرفات متأثراً بسوء التغذية الحاد ونقص الحليب، ليرتفع عدد ضحايا المجاعة من الأطفال في القطاع إلى ثلاثة خلال أقل من 24 ساعة، ويرتفع بذلك إجمالي القتلى نتيجة التجويع إلى 124 قتيلاً، بينهم 84 طفلاً.
وحسب إفادات طبية من داخل المستشفيات المتهالكة، فإن الساعات الـ28 الماضية وحدها شهدت مقتل 11 مدنياً بفعل الجوع ونقص الإمدادات الغذائية، وسط استمرار الحصار المشدد الذي تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي، والذي حوّل غزة إلى سجن مفتوح يخضع فيه السكان لحرب تجويع جماعية.
ولا يتوقف الأمر عند القتلى، بل تتوالى يومياً حالات الأطفال الوافدين إلى المستشفيات بحالات خطرة من سوء التغذية الحاد، في وقت تشير التقديرات إلى أن نحو 900 ألف طفل في غزة يعانون من الجوع، منهم 70 ألف طفل دخلوا بالفعل مرحلة الخطر.
وخلال الفترة من آذار/مارس إلى حزيران/يونيو، تضاعفت معدلات سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة، ما يؤشر إلى تسارع وتيرة التدهور الإنساني، ويكشف عن سياسة ممنهجة تندرج تحت بند الإبادة الجماعية عبر التجويع، وهي جريمة تصنفها القوانين الدولية على أنها من أشد الانتهاكات جسامةً.
ويستمر الاحتلال في منع إدخال المواد الغذائية والطبية، بما في ذلك حليب الأطفال، ويتعمد إبطاء آليات إيصال المساعدات، فيما تُرك سكان القطاع يواجهون مصيرهم في ظل صمت دولي قاتل.
ويمثل ما يحدث في غزة جريمة إبادة جماعية ممنهجة، يتم فيها استخدام الجوع كأداة قهر جماعي، تستهدف الأطفال بالدرجة الأولى، وتسعى إلى إنهاك ما تبقى من قدرة المجتمعات المحلية على البقاء.
وبالتزامن مع استمرار سقوط الضحايا من الأطفال بسبب الجوع؛ يبرز الصمت الدولي كعامل مقلق يُسهم في تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة. ورغم تزايد أعداد القتلى يوماً بعد يوم؛ لا تزال ردود الفعل الدولية محدودة وغير متناسبة مع حجم المأساة، وسط غياب واضح لأي تحرك فعّال لوقف سياسة التجويع الممنهجة.
ويعزز هذا الغياب الدولي عن المشهد، في وقت يُحاصر فيه مليون طفل ويُمنع عنهم الغذاء والدواء، الشعور بأن سكان غزة تُركوا يواجهون مصيرهم في عزلة تامة، دون حماية، ودون مساءلة حقيقية لمرتكبي هذه الجرائم.