ارتفعت حصيلة ضحايا المجاعة المفروضة قسراً في قطاع غزة إلى مستويات مروعة، بعد أن أُعلن صباح الأحد، 27 تموز/يوليو 2025، عن وفاة الطفلة نور أبو سلعة (10 سنوات) في مستشفى العودة بمخيم النصيرات، جراء سوء التغذية الحاد والجوع المستمر.
ورفعت وفاة نور التي انضمت إلى قائمة طويلة من الأطفال الذين أُزهقت أرواحهم بسبب الحرمان المتعمد من الغذاء، عدد قتلى التجويع من الأطفال إلى 86، في حين بلغت الحصيلة العامة 128 قتيلاً بسبب الجوع في القطاع، بحسب مصادر طبية محلية.
وتكشف هذه الأرقام عن نمط متعمّد من القتل البطيء، تتحمّل مسؤوليته سلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي تفرض حصاراً شاملاً ومُحكماً على قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتمنع دخول الغذاء والدواء منذ مارس/آذار 2025، ضاربة بعرض الحائط كل المواثيق الدولية والقرارات القضائية الأممية.
وباتت الأوضاع الصحية في غزة كارثية بكل المعايير، حيث تُنقل يومياً حالات متفاقمة من الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية حاد إلى المستشفيات، في وقت لم تعد فيه هذه المرافق قادرة على تقديم الحد الأدنى من الرعاية، بفعل الحصار والتدمير المتعمد للبنية التحتية الصحية.
ويعيش نحو 900 ألف طفل في غزة تحت خط الجوع، من بينهم 70 ألفاً دخلوا مرحلة سوء التغذية الحاد، وهي أرقام تُترجم إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية متواصلة، تتمثل في استخدام التجويع كوسيلة قتل جماعي، وفق التعريف القانوني الوارد في النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية.
وتأتي وفاة الطفلة نور أبو سلعة، وسقوط عشرات الأطفال قبلها، في ظل توفر الغذاء عالمياً، لكن الاحتلال يختار منع دخوله عمداً، ما يفضح البُعد الإجرامي المقصود خلف هذه المجاعة المصنّعة.
ولا يمكن فصل هذا التجاهل لحياة المدنيين، وتحديداً الأطفال، عن نهج الحرب الشاملة التي يشنها الاحتلال، بدعم مباشر من قوى دولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، حيث تتلاقى أدوات القتل؛ من القصف، إلى التهجير، إلى الحصار، إلى سياسة الموت البطيء بالجوع.
ويشكل منع الإغاثة وعرقلة المساعدات وتجويع الأطفال في غزة، خرقاً صارخاً لاتفاقيات جنيف، ولا سيما المادة 55 التي تلزم قوة الاحتلال بضمان توفير الإمدادات الغذائية والطبية للسكان الخاضعين للاحتلال، كما يُعد انتهاكاً للمادة 6 من الاتفاقية الدولية لمنع جريمة الإبادة الجماعية.
وفي ظل هذه الوقائع الموثقة والمتصاعدة؛ فإن الصمت الدولي لم يعد موقفاً محايداً، بل صار تواطؤاً فعلياً في واحدة من أكثر الجرائم شناعة في العصر الحديث.