نشرت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم الاثنين، كشوفات تفصيلية بأسماء 60 ألفًا و199 فلسطينيًا قتلهم الاحتلال منذ بدء عدوانه في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 31 يوليو/تموز 2025.
ويأتي هذا الإعلان وسط صمت دولي مريب، في ظل حرب شاملة شنّها الاحتلال على أكثر من مليوني إنسان محاصرين، استهدفتهم على مدار قرابة عام، بالقتل والتجويع والتهجير والتدمير الممنهج، في انتهاك فج لكل ما تراكم من مواثيق دولية لحماية المدنيين.
أربعة كشوفات نشرتها الوزارة عبر صفحتها على “تلغرام”، تضمنت أسماء جميع القتلى، بمن فيهم الأطفال والنساء وكبار السن، مع تفاصيل كاملة تشمل الاسم الرباعي، العمر، الرقم الوطني، وتاريخ الميلاد.
وذكرت الوزارة في بيانها أنه “في إطار التزامها بالشفافية وتخليدًا لتضحيات أبناء شعبنا، تُعلن وزارة الصحة عن نشر الكشوفات المحدثة بأسماء الضحايا الذين ارتقوا نتيجة العدوان المستمر، حتى 31 يوليو 2025”.
وتشير البيانات إلى أن من بين الضحايا 18 ألفًا و430 طفلًا، أي ما يقارب 31% من إجمالي القتلى، و9 آلاف و735 امرأة، أي بنسبة 16.1%. كما بلغ عدد القتلى من كبار السن 4 آلاف و429، بنسبة 7.3%.
وبحسب آخر تحديث للوزارة؛ ارتفع عدد القتلى إلى 60 ألفًا و839، فيما تجاوز عدد الجرحى 149 ألفًا و588 مصابًا، إضافة إلى أكثر من 9 آلاف مفقود ما يزال مصيرهم مجهولًا.
إن ما يجري في غزة ليس مجرد عدوان عسكري، بل عملية إبادة جماعية مكتملة الأركان، يُستهدف فيها الإنسان كإنسان، بصفته لا يحمل السلاح، بل يحمل هوية جغرافية تُجرّمه، وعنوانًا عائليًا يكفي لتبرير قصفه، وجوعًا يعرّضه للقتل بدل المعونة.
ولا يمكن توصيف الاستهداف الواسع والممنهج للأطفال والنساء والمدنيين العزّل بأنه “أخطاء حرب”، فالإحصاءات وحدها تكشف عن نية إجرامية مدروسة، وعن قرار بالقتل الجماعي الذي لا يفرّق بين الملاجئ والأسواق، ولا بين المستشفيات والمنازل.
لقد تحوّل قطاع غزة إلى مسرح للتجريب على أقصى ما يمكن أن تصل إليه آلات الحرب، تحت غطاء سياسي وصمت دولي يوفران الغطاء للإفلات التام من أي مساءلة.
وبينما يُدفن القتلى في مقابر جماعية، ويبحث الأهالي بين الأنقاض عن جثث ذويهم، تُسجَّل الجرائم الكبرى ضد الإنسانية في غزة بالصوت والصورة. ومنذ شهور؛ ترفع مؤسسات قانونية وشهود ميدانيون شهاداتهم إلى المنصات الحقوقية الدولية، لكن العدالة لم تتحرك.
ومع ذلك؛ فإن نشر كشوفات أسماء الضحايا، بهذا الشكل العلني والموثق، ليس مجرد توثيق للذاكرة، بل هو شهادة دامغة على واحدة من أكثر جرائم العصر وحشية، ورسالة بأن الفلسطينيين، وإن ماتوا، لن يكونوا مجرد أرقام تُطوى.