يواصل الاحتلال الإسرائيلي منذ خمسة أيام متتالية، تدميرا واسع النطاق في حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة، مستخدما وسائل حربية متطورة مثل الروبوتات المفخخة والأحزمة النارية، ما أدى إلى انهيار عشرات المنازل وارتكاب مجازر أجبرت آلاف الفلسطينيين على النزوح القسري من بيوتهم.
وعانى الحي الذي يعد الأكبر في مدينة غزة، على مدار حرب الإبادة المستمرة من قصف مكثف دمّر مساحات واسعة منه، فيما سيطر الاحتلال على أجزاء كبيرة ضمن ما يسميه “المناطق العازلة”، في إطار سياسة تفريغ الأحياء السكنية وتحويلها إلى مناطق مدمرة خالية من الحياة.
وأكد شهود عيان ومصادر محلية أن قوات الاحتلال نفذت خلال الليلة الماضية وصباح الجمعة عمليات نسف منظمة لمنازل الفلسطينيين في جنوب الحي، مستخدمة الروبوتات المفخخة، بالتزامن مع قصف مدفعي مكثف وإطلاق نار عشوائي، بينما قصفت الطائرات الحربية شارع 8 الرئيسي بأحزمة نارية كثيفة، وطالت الهجمات مناطق متفرقة من حي الصبرة المجاور، مخلّفة دمارا هائلا وخسائر فادحة في الممتلكات.
وتشير التقديرات المحلية إلى أن العملية العسكرية التي دخلت يومها الخامس أوقعت عشرات القتلى، بينهم نساء وأطفال وعائلات بكاملها كانت داخل منازلها لحظة الاستهداف، دون أي تحذير مسبق.
ونزحت أعداد كبيرة من السكان نحو وسط وغرب مدينة غزة، فيما بقي آخرون محاصرين في مناطق خطرة، تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم بفعل القصف المستمر والحصار المفروض.
ويشهد الحي تدميرا منهجيا يتمثل في تفجير منازل بكاملها، واستخدام جرافات عسكرية لتسوية ما تبقى منها بالأرض، ما ينتج عنه مساحات شاسعة من الركام، وسط غياب تام لأي مظاهر للحياة.
وتندرج هذه الممارسات ضمن سياسات العقاب الجماعي، وتشكل انتهاكا صارخا لحقوق السكان في السكن والحياة الآمنة، وهي أفعال يجرمها القانون الدولي باعتبارها جرائم حرب.
وخلال الأيام الثلاثة الماضية وحدها؛ دمّر الاحتلال أكثر من 300 منزل في الحي، بعضها يتجاوز خمسة طوابق وكان مأهولا بالسكان، وذلك باستخدام قنابل شديدة الانفجار، مع فرض حصار كامل على المناطق الجنوبية والشرقية، ومنع وصول فرق الإنقاذ. وتسببت هذه الإجراءات في تفاقم الكارثة الإنسانية، وحرمت الجرحى والمصابين من الرعاية الطارئة.
ويأتي هذا التصعيد في حي الزيتون ضمن سياق أوسع لخطة أقرّتها حكومة الاحتلال لإعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، تبدأ بالسيطرة على مدينة غزة عبر تهجير نحو مليون فلسطيني إلى الجنوب، ثم تنفيذ عمليات توغل داخل الأحياء السكنية، يتبعها احتلال مخيمات اللاجئين في وسط القطاع.
ويُقدّر أن الاحتلال يعتزم استدعاء ما بين 80 و100 ألف جندي احتياط للمشاركة في هذه العملية، التي تشمل مهاجمة مناطق مكتظة بالسكان، في تجاهل واضح للتبعات الإنسانية الكارثية.
ومنذ اندلاع حرب الإبادة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلّفت الهجمات والحصار المفروض على القطاع أكثر من 61,776 قتيلا، و154,906 مصابين، معظمهم أطفال ونساء، إضافة إلى أكثر من 9,000 مفقود، ونزوح مئات الآلاف، ووفاة 239 شخصا جراء المجاعة، بينهم 106 أطفال.