في سابقة خطيرة بالشرق الأوسط؛ أعلنت الأمم المتحدة رسميا تفشي المجاعة في قطاع غزة، مؤكدة أن أكثر من نصف مليون إنسان يواجهون الجوع والموت بفعل سياسة متعمدة من الاحتلال.
وجاء هذا الإعلان بعد أشهر من التحذيرات المتكررة، ليضع المجتمع الدولي أمام حقيقة دامغة، تؤكد أن ما يجري في غزة ليس كارثة طبيعية، بل جريمة من صنع الإنسان.
وقالت وكالات أممية متخصصة إن أعداد من يعانون من نقص الغذاء تضاعفت ثلاث مرات خلال فترة قصيرة، وإن المجاعة باتت منتشرة في مختلف مناطق القطاع، مؤكدة أن تفاقم الوضع يمكن أن يقود إلى مزيد من الوفيات في ظل استمرار القيود المفروضة على دخول المساعدات.
وخلال الساعات الماضية؛ فارقت الرضيعة غدير بريكة (5 أشهر) الحياة في خان يونس نتيجة سوء التغذية، لتضاف إلى قائمة ضحايا التجويع التي ارتفعت حتى الآن إلى 272 قتيلا بينهم 113 طفلا، بحسب وزارة الصحة في غزة.
من جهته؛ وصف المفوض العام لوكالة “أونروا” فيليب لازاريني ما يجري بأنه تجويع متعمد ناتج عن منع الاحتلال دخول الغذاء والمواد الأساسية منذ شهور، فيما أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن المجاعة جريمة بشرية لا يمكن القبول بها.
ويندرج ما يعيشه سكان غزة بوضوح ضمن تعريف الإبادة الجماعية في القانون الدولي، حيث يتعرض المدنيون لقتل مباشر أوقع أكثر من 62 ألف قتيل و157 ألف مصاب معظمهم من النساء والأطفال، بالتوازي مع سياسة التجويع الممنهج باعتبارها أداة قتل بطيء تتعارض بشكل صارخ مع القانون الدولي الإنساني الذي يحظر استخدام الجوع كسلاح حرب.
يضاف إلى ذلك التهجير القسري الذي دفع مئات آلاف العائلات إلى النزوح، والتدمير الشامل للبنية التحتية المدنية بما فيها المستشفيات والمدارس وشبكات المياه والكهرباء، وهو ما يجعل المشهد أكثر وضوحا: غزة تواجه جريمة إبادة مكتملة الأركان.
وعلى الرغم من أن القانون الدولي يحظر حرمان المدنيين من المساعدات الإنسانية ويعتبره شكلا من أشكال العقاب الجماعي، إلا أن الاحتلال عمد منذ انقلابه على اتفاق وقف إطلاق النار في مارس/آذار الماضي إلى تشديد الخناق على المساعدات وربطها بمؤسسات خارجية، الأمر الذي أدى إلى وقوع مجازر متكررة في محيط مراكز توزيع الإغاثة وأسفر عن مقتل أكثر من ألفي فلسطيني وإصابة نحو 15 ألف آخرين.
وبينما تتوالى البيانات الدولية المحذرة من تفاقم المجاعة، يظل المجتمع الدولي عاجزا عن اتخاذ خطوات عملية توقف الإبادة، مكتفيا ببيانات سياسية لا تغير من الواقع المرير الذي يعيشه أكثر من مليوني إنسان محاصر.
إن إعلان المجاعة رسميا يضع العالم أمام مسؤولياته، فالتاريخ يسجل أن التجويع والقتل والتدمير والتهجير تجري على مرأى الجميع، وأن غزة تُترك لمصير الموت البطيء في واحدة من أبشع صور الإبادة في العصر الحديث.