في الوقت الذي يعيش فيه القطاع الصحي في غزة على شفا الانهيار الكامل، واصل الاحتلال استهداف المستشفيات بشكل ممنهج، حيث تعرض مستشفى شهداء الأقصى وسط القطاع لقصف جديد الجمعة، ليكون الهجوم الـ13 من نوعه منذ بدء حرب الإبادة، في مشهد يعكس الإصرار الواضح على ضرب ما تبقى من منظومة الرعاية الصحية التي تُعنى بإنقاذ أرواح المدنيين.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة؛ فإن طائرات الاحتلال قصفت خيمة للنازحين داخل أسوار المستشفى، فوق مبنى العيادة الخارجية تحديداً، ما أدى إلى مقتل نازحَين وإصابة آخرين، إلى جانب إلحاق أضرار مادية جسيمة كادت أن تهدد حياة عشرات المرضى داخل الأقسام، حيث لم يبتعد القصف عن قسم الباطنة سوى أمتار معدودة.
وأكد البيان أن هذا الاعتداء ليس حادثاً عرضياً بل جزء من سياسة متعمدة، إذ يعد القصف الثالث عشر للمستشفى منذ اندلاع الحرب، بما يعكس تصميماً على استهداف البنية الصحية وانتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية التي تحظر المساس بالمرافق الطبية والمدنيين.
وحمّل المكتب الإعلامي الاحتلال، ومعه الإدارة الأمريكية والدول الداعمة له، المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم الممنهجة، مشيراً إلى أنها سياسة تستهدف تدمير ما تبقى من النظام الصحي في القطاع.
ومنذ بداية الحرب؛ عمد الاحتلال إلى إخراج معظم مستشفيات غزة عن الخدمة عبر القصف المباشر والحصار المطبق، لتصل نسبة إشغال المستشفيات إلى 200%، فيما لم يعد يعمل سوى 15 مستشفى من أصل 38، بينها 4 فقط مركزية. أما مراكز الرعاية الأولية، فلم يتبق منها سوى 67 من أصل 157، بينما تقلص عدد غرف العمليات من 110 إلى 40 فقط.
وترافق هذا التدهور مع عجز دوائي حاد ونقص مستمر في الوقود اللازم لتشغيل المستشفيات، ما يجعل حياة آلاف المرضى والجرحى، وخاصة ذوي الأمراض المزمنة والخطرة، على المحك. ومع توقف الأجهزة الطبية أو نقص الإمدادات الأساسية، تتحول غرف المستشفيات إلى أماكن موت بطيء بدلاً من كونها مراكز علاج وإنقاذ.
ويُعد استهداف المستشفيات والمرضى أحد أخطر الانتهاكات التي يعرفها القانون الدولي الإنساني، إذ أن المرافق الطبية تتمتع بحماية خاصة، وأي اعتداء عليها يصنف كجريمة حرب. أما حرمان المدنيين من حقهم في العلاج ومنع وصول الإمدادات الطبية؛ فيرقى إلى سياسة عقاب جماعي ترقى بدورها إلى جريمة ضد الإنسانية.
ويمثل ما يجري في غزة مساراً منظماً يستهدف تدمير مقومات البقاء للمدنيين. فحين تُغلق المعابر ويُحاصر الغذاء والدواء ويُقصف المستشفى، تتحول حياة الناس إلى رحلة يومية مع الخطر، بين الجوع والموت تحت الأنقاض أو فقدان العلاج.