في مشهد يختزل حجم الكارثة الإنسانية المتصاعدة، يدخل يومياً ما يقارب 112 طفلاً في قطاع غزة دائرة سوء التغذية، نتيجة الحصار الخانق وسياسة التجويع التي يفرضها الاحتلال على السكان منذ أشهر طويلة.
وحذّر المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة من خطورة الوضع، مبيناً أن أعداد الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية حاد ارتفعت بنسبة 180% بين شهري فبراير (أثناء الهدنة) ويونيو الماضي، ما يعكس الانهيار المتسارع للواقع الصحي والإنساني في القطاع.
وأوضح أن “المحظوظ” (إن صح التعبير) هو من يدخل دائرة سوء التغذية ويبقى على قيد الحياة، إذ هناك عشرات الآلاف من الأطفال يواجهون درجات متفاوتة من الجوع ونقص الغذاء، الأمر الذي يهدد حياتهم ومستقبلهم مباشرة.
كما تمتد الأزمة إلى النساء الحوامل اللواتي يعانين من سوء تغذية شديد، ما يؤدي إلى ولادات محفوفة بالمخاطر وأطفال يولدون بظروف صحية حرجة منذ اللحظات الأولى.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، يواصل الاحتلال حرب الإبادة على غزة، عبر القتل المباشر، والتجويع الممنهج، والتدمير الواسع، والتهجير القسري، ضارباً بعرض الحائط كل النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقف الجرائم.
ووفقاً للإحصاءات الأخيرة، ارتقى أكثر من 61,897 شهيداً وأصيب 155,660 آخرون، معظمهم من الأطفال والنساء، فيما سُجل أكثر من 9,000 مفقود تحت الأنقاض، إضافة إلى نزوح مئات الآلاف. كما أزهقت المجاعة وحدها أرواح 251 شخصاً بينهم 108 أطفال.
ويحظر القانون الدولي الإنساني بشكل قاطع استخدام التجويع كسلاح حرب ضد المدنيين، ويصنّف ذلك كجريمة حرب. أما في الحالة الغزية، فإن حجم الانتهاكات واتساع نطاق الضحايا يجعل هذه الممارسات أقرب إلى جريمة إبادة جماعية، حيث يُستهدف الأطفال والنساء والمرضى بشكل مباشر عبر حرمانهم من الغذاء والدواء.
ويمثل استمرار سياسة الحصار ومنع المساعدات الغذائية والطبية هندسة ممنهجة للموت البطيء، تعكس نية متعمدة في تفكيك البنية المجتمعية وتدمير حياة أكثر من 2.4 مليون إنسان.
إن ما يجري في غزة اليوم لا يمكن وصفه إلا بأنه مجزرة بطيئة، يُشارك في صمتها العالم. وفتح المعابر، وتأمين دخول المساعدات، وإنهاء الحصار، ليست خيارات سياسية، بل التزام قانوني وأخلاقي يقع على عاتق المجتمع الدولي بأسره.