في ظل حصار خانق وإغلاق كامل للمعابر؛ يقف نصف مليون فلسطيني في قطاع غزة على شفا المجاعة، وفق معطيات أممية حديثة، فيما يواصل الاحتلال سياسة ممنهجة تقوم على حرمان السكان من أبسط حقوقهم في الغذاء والدواء، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.
وأكد برنامج الأغذية العالمي أن حجم المساعدات التي تمكن من إدخالها إلى القطاع لا يتجاوز 47% من الاحتياجات اليومية، محذراً من أن استمرار الوضع الحالي سيقود إلى انهيار تام للمنظومة الإنسانية.
وأوضح أن استئناف توزيع الغذاء وتشغيل المخابز وتوفير الوجبات الساخنة مرهون بزيادة تدفق المساعدات بشكل عاجل، الأمر الذي يتطلب وقفاً فورياً لإطلاق النار.
ورغم هذه التحذيرات، يواصل الاحتلال ارتكاب جرائم مروعة بحق المدنيين. فقد استشهد، الأحد، 29 فلسطينياً بينهم 15 كانوا بانتظار المساعدات، لترتفع حصيلة الضحايا من منتظري المعونات منذ 27 مايو/ أيار الماضي إلى 1938 قتيلاً وأكثر من 14 ألفاً و420 جريحاً.
وتجسد هذه الجرائم بوضوح سياسة “مصائد الموت” التي حوّل من خلالها الاحتلال المساعدات الإنسانية إلى وسيلة قتل جماعي، بعيداً عن أي إشراف دولي.
ومنذ 2 مارس/ آذار، يفرض الاحتلال إغلاقاً شاملاً على جميع معابر غزة، مانعاً دخول المساعدات رغم تكدس آلاف الشاحنات على الحدود. ويسمح فقط بكميات محدودة لا تلبي الحد الأدنى من احتياجات السكان، في وقت ترتفع فيه معدلات الجوع وتتفشى المجاعة التي حصدت حتى الآن أرواح 258 شخصاً، بينهم 110 أطفال.
إلى جانب التجويع؛ يواصل الاحتلال حربه الشاملة على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، مخلّفاً 61 ألفاً و944 قتيلاً و155 ألفاً و886 مصاباً، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 9 آلاف مفقود ومئات آلاف النازحين.
ولا يمكن وصف هذه السياسات إلا بأنها جريمة إبادة جماعية، إذ يجتمع فيها القتل المباشر مع التدمير الممنهج وحرمان المدنيين من الغذاء والدواء والمأوى، في تحدٍّ سافر لكل القيم الإنسانية والقانونية، ما يجعل غزة اليوم شاهداً حياً على جريمة العصر.