في الوقت الذي تتصاعد فيه المؤشرات على انهيار الوضع الإنساني في قطاع غزة؛ تتوالى الأخبار عن وفيات بسبب الجوع وسوء التغذية، في واحدة من أبشع صور الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان. فقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، الاثنين، وفاة 5 فلسطينيين بينهم طفلان خلال 24 ساعة نتيجة سوء التغذية والمجاعة التي تعصف بالقطاع المحاصر.
وبذلك يرتفع عدد ضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 263 قتيلاً، بينهم 112 طفلاً، في حصيلة تكشف حجم الكارثة التي يواجهها السكان المدنيون تحت الحصار المفروض من قبل الاحتلال.
وتمثل الأزمة الإنسانية في غزة نتيجة مباشرة لحصار شامل وإغلاق متعمد للمعابر ومنع وصول المساعدات الغذائية والطبية الكافية، وهو ما جعل الأطفال والفئات الأضعف يدفعون الثمن الأكبر، حيث تؤكد المؤشرات الميدانية أن معدلات سوء التغذية بين الأطفال تضاعفت في الأشهر الأخيرة، حتى بات واحد من كل خمسة أطفال دون الخامسة يعاني من سوء تغذية حاد.
وكانت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين “أونروا”، قد حذرت من أن سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة قد تضاعف بين آذار وحزيران، نتيجة لاستمرار الحصار.
وأكدت منظمة الصحة العالمية أن معدلات سوء التغذية في غزة وصلت إلى مستويات مثيرة للقلق، وأن الحصار المتعمد وتأخير المساعدات تسببا في فقدان أرواح كثيرة، وأن ما يقارب واحدا من كل خمسة أطفال دون سن الخامسة في مدينة غزة يعاني من سوء تغذية حاد.
وتعكس هذه الأوضاع سياسة ممنهجة يقوم بها الاحتلال تقوم على استخدام التجويع كسلاح جماعي، في خرق صارخ لمبادئ القانون الدولي الذي يحظر بشكل قاطع تعريض المدنيين للجوع كأسلوب حرب. فالمجاعة اليوم لم تعد احتمالاً، بل واقعاً يومياً يزهق الأرواح ويهدد حياة مئات الآلاف.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، يواصل الاحتلال حرب الإبادة ضد قطاع غزة، ما خلّف حتى الآن 61 ألفاً و944 قتيلاً و155 ألفاً و886 مصاباً، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين. ومع استمرار منع دخول المساعدات، ارتفع عدد ضحايا المجاعة إلى 258 قتيلاً، بينهم 110 أطفال، في جريمة مركبة تجمع بين القتل المباشر والتجويع القسري.
إن ما يحدث في غزة ليس مجرد كارثة إنسانية، بل إبادة جماعية مكتملة الأركان، تُرتكب على مرأى العالم، بينما تُدفن الطفولة تحت الركام والجوع، في مشهد يدين الضمير الإنساني كله.