يعيش قطاع غزة واحدة من أحلك المراحل في تاريخه الحديث، حيث يتعرض سكانه المدنيون لسياسة حصار خانق تُستخدم فيها المجاعة كسلاح حرب، في انتهاك صارخ لكل القوانين والأعراف الدولية.
وخلال الساعات الـ24 الماضية، سجّلت المستشفيات في القطاع وفاة مواطنين اثنين نتيجة المجاعة وسوء التغذية، ليرتفع العدد الإجمالي للأشخاص الذين قضوا جوعًا أو بسبب مضاعفاته إلى 271 قتيلاً، بينهم 112 طفلًا. وهذا الرقم ليس إلا جزءًا من الكارثة الأكبر، حيث يواجه عشرات الآلاف من المدنيين خطر الموت البطيء وسط ندرة الغذاء وانعدام العلاج.
ويرقى استخدام سياسة التجويع كسلاح جماعي إلى جريمة حرب وفق القانون الدولي الإنساني، كما أنه يدخل في نطاق جرائم الإبادة الجماعية حين يُستهدف المدنيون عمدًا بحرمانهم من الغذاء بهدف إهلاكهم كليًا أو جزئيًا. كذلك فإن اتفاقيات جنيف تحظر بشكل قاطع تعريض المدنيين لمثل هذه الظروف، وتُلزم قوة الاحتلال بضمان تزويدهم بالغذاء والدواء، لا أن تحرمهم منه.
ويغلق الاحتلال منذ 2 آذار/مارس 2025 جميع المعابر المؤدية إلى غزة، ويمنع دخول المساعدات الغذائية والطبية إلا بنسب ضئيلة لا تكفي لسد الاحتياجات الأساسية، الأمر الذي جعل المستشفيات عاجزة عن إنقاذ المصابين بسوء التغذية.
وتشير التقديرات إلى أن واحدًا من كل خمسة أطفال دون سن الخامسة يعاني من سوء تغذية حاد، وهي نسبة تعكس خطورة سياسة القتل البطيء التي يتعرض لها جيل كامل.
إن ما يجري في غزة لا يمكن توصيفه إلا بأنه جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان، تُنفذها سلطات الاحتلال بصورة متعمدة ومنهجية، عبر منع الغذاء والدواء وإغلاق المعابر وحرمان السكان من مقومات الحياة الأساسية، ما يضع المجتمع الدولي أمام اختبار صارخ لمدى التزامه بالقانون الدولي الإنساني وبحماية المدنيين في أوقات النزاع.