تشهد السودان تفاقمًا حادًا في الأزمة الإنسانية، حيث أصبحت آلاف الأسر المدنيين، خصوصًا النساء والأطفال، معرضة لخطر الموت جوعًا بسبب الحصار المستمر ونقص المساعدات الأساسية. ولم يعد سوء التغذية مجرد أزمة غذائية، بل تحول إلى كارثة حقيقية تهدد حياة المدنيين بشكل مباشر.
وفي هذا السياق؛ أعلنت شبكة أطباء السودان عن وفاة 46 شخصًا في ولاية جنوب كردفان خلال شهري يوليو وأغسطس الماضيين بسبب سوء التغذية، معظمهم من النساء والأطفال.
وأكدت الشبكة أن أكثر من 18 ألف امرأة حامل ومرضعة بحاجة عاجلة إلى تغذية إضافية، ما يعكس دخول الأزمة في الولاية مرحلة حرجة تهدد حياة آلاف المدنيين.
وفي إقليم دارفور؛ أصبح الوضع أكثر خطورة، خاصة في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، التي تتعرض للحصار منذ يونيو 2024 من قبل قوات الدعم السريع.
ووفق برنامج الأغذية العالمي؛ يعاني نحو 300 ألف شخص في المدينة من العزلة التامة والجوع المستمر، بينما لا تزال الخدمات الأساسية شبه منهارة والقصف اليومي مستمر.
وأشار البرنامج إلى أن لديه ما يكفي من الغذاء لآلاف الأشخاص، لكنه بحاجة ماسة لوصول إنساني دون عوائق.
وخلال أغسطس/آب، سجلت الفاشر 63 وفاة على الأقل خلال أسبوع واحد نتيجة سوء التغذية، كما أُغلقت معظم المطابخ المشتركة، واضطرت العائلات للعيش على علف الحيوانات وبقايا الطعام.
وبحسب بيانات الأمم المتحدة، يعاني نحو 40% من الأطفال دون الخامسة من سوء التغذية، بينهم 11% في حالة سوء تغذية حاد وخطير يهدد حياتهم بشكل مباشر.
ويعكس ما يحدث في جنوب كردفان وشمال دارفور انتهاكًا صارخًا لحق الحياة، إذ يُجبر المدنيون على العيش في ظروف حرمان قصوى تشمل نقص الغذاء والمياه والرعاية الصحية الأساسية، حيث يشكل الحصار ومنع وصول المساعدات وسائل إفقار ممنهجة تؤدي إلى الوفاة البطيئة للمدنيين، خصوصًا النساء والأطفال، وهو ما يمكن اعتباره جريمة وفق المبادئ الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
ويؤكد تفاقم الأزمة سياسات الإهمال الممنهج للسكان المدنيين في مناطق النزاع، وتحويل الجوع إلى أداة ضغط وإخضاع، ما يضع المجتمع الدولي أمام اختبار عاجل لالتزاماته الإنسانية تجاه الفئات الأضعف، حيث إن استمرار هذا الوضع بلا تدخل عاجل يهدد بتحول الأزمة إلى كارثة إنسانية واسعة يصعب السيطرة عليها.