ارتكب الاحتلال الإسرائيلي يوم الاثنين 25 أغسطس/آب 2025، جريمة مروعة جديدة إذ شن غارتين جويتين متتاليتين على مستشفى ناصر في خان يونس، جنوب قطاع غزة، ما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن عشرين مدنياً، من بينهم خمسة صحفيين وعدد من المسعفين وعمال الإغاثة الذين هرعوا إلى المكان لإنقاذ الضحايا.
الضربة المزدوجة التي استهدفت أولاً الطابق الرابع من المستشفى ثم مداخله عند تجمع المسعفين والصحفيين، تمثل دليلاً دامغاً على تعمد الاحتلال استهداف الإعلاميين والعاملين في الحقل الإنساني، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني وكل الأعراف والمواثيق التي تجرّم المساس بالمدنيين والعاملين في المجال الطبي والإغاثي.
بين الصحفيين الذين قتلوا في هذا الهجوم حسام المصري (رويترز)، مريم دقّة (أسوشيتد برس)، محمد سلامة (الجزيرة)، معاذ أبو طه (وكالة NBC)، وأحمد أبو عزيز (صحفي في مواقع تونسية ومغربية) مؤكدة أن الاحتلال يسعى من خلال هذا النهج الدموي إلى إسكات الأصوات التي تنقل الحقيقة من غزة وإلى طمس الأدلة على جرائمه، مشددة أن الهجوم الأخير لم يكن استثناءً، بل يأتي ضمن سلسلة متكررة من الاعتداءات التي أودت بحياة مئات المسعفين والصحفيين منذ بدء العدوان المستمر على القطاع.
استهداف الصحفيين في غزة بلغ مستويات غير مسبوقة في التاريخ الحديث، إذ وثقت إحصاءات المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة مقتل 244 صحفياً منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى اليوم، ما يجعل هذه الحرب الأكثر دموية ضد الإعلاميين على مستوى العالم. وأضافت المنظمة أن هذا الرقم المفزع، مقترناً بالعدد الكبير من المسعفين وعمال الإغاثة الذين قُتلوا تحت القصف الإسرائيلي والإبادة المستمرة في قطاع غزة، يكشف أن الاحتلال يتعمد القضاء على كل من يقوم بمهام إنسانية أو مهنية تهدف إلى حماية المدنيين أو توثيق الجرائم المرتكبة بحقهم.
ويعد استمرار المجتمع الدولي في التزام الصمت أو الاكتفاء ببيانات القلق والإدانة الشكلية يمثل تواطؤاً مباشراً وشراكة في استمرار هذه الجرائم. وشددت على أن الوقت قد حان لوقف هذا التواطؤ المعيب واتخاذ خطوات عملية وملموسة تضع حداً لسياسة الإفلات من العقاب التي شجعت الاحتلال على التمادي في ارتكاب الفظائع.
الجرائم المتلاحقة في إطار جريمة الإبادة الجماعية تحتم على المجتمع الدولي، وفي مقدمته مجلس الأمن والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، التحرك بشكل عاجل لوقف تزويد الاحتلال بالسلاح، وفرض عقوبات شاملة عليه، والعمل على إحالة قادته إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية. كما دعت إلى توفير آليات حماية دولية للمدنيين في غزة، بما في ذلك الصحفيون والمسعفون والعاملون في المجال الإنساني، لضمان استمرار عملهم دون أن يكونوا هدفاً مباشراً للهجمات الإسرائيلية.