لم يعد القصف في غزة يستهدف المباني السكنية أو المستشفيات وحدها، بل باتت العملية التعليمية بكل مكوّناتها هدفاً مباشراً للإبادة. فمنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، يدفع الأطفال والمعلمون ثمناً دموياً لآلة الحرب، في مشهد يختصر استهداف المستقبل الفلسطيني من جذوره.
وفي هذا السياق؛ أعلنت زارة التربية والتعليم، الثلاثاء، أن 18,489 طالباً قُتلوا، فيما أصيب 28,854 آخرون بجروح متفاوتة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، في أرقام تكشف عن حجم الكارثة الإنسانية والحقوقية التي يتعرض لها الجيل الفلسطيني.
وفي التفاصيل؛ فإن عدد الطلبة القتلى في قطاع غزة وحده تجاوز 18,346، بينما أصيب نحو 27,884. أما في الضفة الغربية فقد قُتل 143 طالباً وأصيب 970 آخرون، إضافة إلى اعتقال 740 طالباً في حملات المداهمة المتواصلة.
ولم تتوقف المجزرة عند الطلبة؛ إذ أوضحت الوزارة أن 970 معلّماً وإدارياً قُتلوا، وأصيب 4,533 آخرون، بينما اعتُقل أكثر من 199 موظفاً تربوياً في الضفة.
وتحولت البنية التحتية التعليمية إلى أطلال في قطاع غزة:
- 160 مدرسة حكومية دُمّرت كلياً.
- 63 مبنى جامعياً أُزيل من الخارطة.
- 118 مدرسة حكومية و93 مدرسة تابعة للأونروا تعرضت للقصف والتخريب.
- 25 مدرسة أُزيلت بالكامل بطلبتها ومعلميها من السجل التعليمي.
وفي الضفة؛ نالت يد التخريب من 152 مدرسة، كما تعرضت 8 جامعات وكليات لاقتحامات متكررة عطلت الدراسة، ما أجبر معظم المؤسسات الجامعية على التحول للتعليم الإلكتروني.
ولا يمكن اعتبار ما يجري مجرد أضرار جانبية للحرب، بل هو استهداف متعمد لحق أساسي من حقوق الإنسان: الحق في التعليم. فقتل هذا العدد الهائل من الطلبة والمعلمين، وتدمير المدارس والجامعات، هو عملية منظمة لضرب الحاضر الفلسطيني وإبادة مستقبله.
ويحظر القانون الدولي الإنساني بشكل صريح استهداف المرافق التعليمية أو استخدامها في الأعمال الحربية، إلا أن الاحتلال حول المدارس إلى ساحات قصف، والجامعات إلى ركام، والطلاب إلى ضحايا. فيما يعكس هذا النمط المتكرر من الانتهاكات سياسة ممنهجة لا يمكن توصيفها إلا بأنها جزء من الإبادة الجماعية الجارية بحق الشعب الفلسطيني، إذ يُمحى الإنسان ومعه المكان والمعرفة.
إن ما يحدث في غزة والضفة ليس مجرد صراع عابر. إنه محاولة لاقتلاع جيل كامل من مقاعد الدراسة إلى قوائم القتلى والمفقودين. وبينما تسقط القذائف على دفاتر التلاميذ وسبورات المدارس؛ يُكتب فصل جديد من جريمة ممتدة عنوانها: قتل التعليم وقتل الأمل معاً.