تتواصل اعتداءات المستوطنين المدعومين من جيش الاحتلال على القرى الفلسطينية في الضفة الغربية، في سياق سياسة تهدف إلى تفريغ الأرض من أهلها وفرض وقائع استيطانية جديدة، وهو ما يندرج في إطار جريمة التهجير القسري التي يحظرها القانون الدولي.
وفجر الجمعة؛ هاجم عشرات المستوطنين قرية خلة الضبع في منطقة مسافر يطا جنوب شرق الخليل، مستخدمين العصي والسكاكين، ما أدى إلى إصابة نحو 20 فلسطينياً، بينهم أطفال وكبار في السن، ورضيع لم يتجاوز عمره ثلاثة أشهر.
ووفق شهود محليين؛ فقد تراوحت الإصابات بين رضوض وكسور وطعنات، نُقل على إثرها تسعة مصابين إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وهذه الاعتداءات ليست جديدة على خلة الضبع التي تواجه منذ سنوات حملة متصاعدة لاقتلاع سكانها. ففي مايو/أيار الماضي، نفذ جيش الاحتلال عملية هدم واسعة طالت 25 منزلاً ومنشأة زراعية وآبار مياه، بذريعة “البناء غير المرخص”، فيما أصدر القضاء الإسرائيلي عام 2022 قراراً بهدم القرية وتهجير أهلها بدعوى وقوعها في منطقة تدريب عسكرية. ويستهدف الاحتلال السيطرة على مساحات شاسعة من أراضيها المقدرة بنحو 3 آلاف دونم.
وتشهد الضفة الغربية تصاعداً خطيراً في اعتداءات المستوطنين والجيش معاً. فقد رُصد خلال أغسطس/آب الماضي أكثر من 1613 اعتداء، بينها 431 اعتداء ارتكبها مستوطنون ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم. هذه الانتهاكات، إلى جانب سياسات الهدم والتهجير وتسريع البناء الاستيطاني، تمثل تمهيداً معلناً لضم الضفة الغربية وإنهاء أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية مستقلة، في نسف كامل لقرارات الأمم المتحدة ومبدأ حل الدولتين.
ومع تواصل حرب الإبادة على غزة، التي أسفرت حتى الآن عن 64 ألفاً و231 قتيلاً و161 ألفاً و583 جريحاً، معظمهم أطفال ونساء، إلى جانب أكثر من 9 آلاف مفقود ومجاعة أودت بحياة 339 فلسطينياً بينهم 124 طفلاً؛ يمتد شبح الإبادة إلى الضفة الغربية. فمنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، قتل جيش الاحتلال والمستوطنون في الضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما لا يقل عن 1017 فلسطينياً، وأصابوا نحو سبعة آلاف آخرين، واعتقلوا أكثر من 18 ألفاً و500.
إن ما يجري في خلة الضبع وغيرها من قرى الضفة ليس أحداثاً عابرة، بل سياسة ممنهجة ترمي إلى اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، عبر القتل والترهيب والتجويع والهدم، في استمرار لمشروع استيطاني قائم على التطهير العرقي والإبادة الجماعية.